وقضية ذلك أن الإمام يجمعهما، وهو قول الشافعيّ، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد، والجمهور، والأحاديث الصحيحة تَشْهَد له، وزاد الشافعيّ أن المأموم يجمع بينهما أيضًا، لكن لم يصحّ في ذلك شيء، ولم يثبت عن ابن المنذر أنه قال: إن الشافعيّ انفرد بذلك؛ لأنه قد نَقَلَ في "الإشراف" عن عطاء، وابن سيرين وغيرهما القول بالجمع بينهما للمأموم.

وأما المنفرد: فحَكَى الطحاويّ، وابن عبد البرّ الإجماع على أنه يجمع بينهما، وجعله الطحاويّ حجةً لكون الإمام يجمع بينهما؛ للاتفاق على اتّحاد حكم الإمام والمنفرد، لكن أشار صاحب "الهداية" إلى خلاف عندهم في المنفرد، أفاده في "الفتح" (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق من البحث أن أرجح الأقوال أن يجمع الإمام ومثله المنفرد بين التسميع والتحميد؛ لصحّة ذلك عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث كان يجمع بينهما، وهو إمام، وأما المأموم، فلا يُسمّع؛ لظاهر هذا الحديث، حيث قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده"، فقولوا: "اللَّهمّ ربنا لك الحمد"، فوزعّ بينهما التسميع والتحميد، فأمره بالتحميد فقط، ولولا ثبوت الجمع بينهما عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إمامًا لكان للإمام أيضًا التسميع فقط، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[919] (. . .) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَعْنَى حَدِيثِ سُمَيٍّ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) تقدّم في الباب الماضي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015