شرح الحديث:
(عَنْ سُمَيٍّ) بضم السين المهملة، بصيغة التصغير (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "سمع اللَّه لمن حمده" أي أجاب، أي من حَمِد اللَّه متعرّضًا لثوابه استجاب اللَّه تعالى له، وأعطاه ما تعرّض له، قال: ولفظ "ربّنا" على تقدير إثبات الواو متعلّق بما قبله، تقديره: سمع اللَّه لمن حَمِده، يا ربّنا فاستجب حمدنا ودعاءنا، ولك الحمد على ما هديتنا. انتهى.
وقال البغويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقوله: "سمع اللَّه لمن حمده": أي تقبّل اللَّه منه حمده، وأجابه، يقال: اسمع دعائي: أي أجب؛ لأن غرض السائل الإجابة، فوُضع السمع موضع الإجابة، ومنه قوله تعالى: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس: 25]، أي اسمعوا منّي سمع الطاعة والقبول، ومنه الحديث: "أعوذ بك من دعاء لا يُسمَعُ"، أي لا يُجاب. انتهى (?).
(فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) وفي رواية البخاريّ: "فقولوا: اللَّهمّ ربنا ولك الحمد"، قال في "الفتح": في رواية الكشميهنيّ: "ولك الحمد" بإثبات الواو، وفيه رَدٌّ على ابن القيِّم حيث جَزَم بأنه لم يَرِد الجمع بين "اللهم" والواو في ذلك. انتهى (?).
وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِلُ أن يكون السماع بمعناه المشهور.
[فإن قلت]: فلا بُدَّ أن تُستعمل بـ "من"، لا باللام.
[قلت]: معناه: سمع الحمد لأجل الحامد منه، ثم لفظ "ربّنا" لا يُمكن أن يتعلّق بما قبله؛ لأنه كلام المأموم، وما قبله كلام الإمام بدليل قوله: "فقولوا"؛ بل هو ابتداء كلام، وقوله: "لك الحمد" حال منه؛ أي أدعوك، والحال أن الحمد لك، لا لغيرك.