وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بالصلاة من اللَّه الرحمة لعباده، وأنه يرحمهم رحمةً بعد رحمةً حتى تبلغ رحمته ذلك العدد، وقيل: المراد بصلاته عليهم إقباله عليهم بعطفه، وإخراجهم من ظلمة إلى رفعة ونور، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43]. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقدّم لنا أن أصحّ الأقوال في معنى صلاة اللَّه على عبده ثناؤه عليه، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
وقد استُشكل بأنه كيف يجوز أن تكون الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- واحدةً، وعلى المصلّي عليه عشرًا؟ .
وأُجيب بأن الواحدة صفة فعل المصلّي، وجزاؤها عشر صلوات من اللَّه عليه على ما قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} الآية [الأنعام: 160]، ولا يُفهم منه أن الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من اللَّه تكون واحدةً، فإن فضل اللَّه واسع.
ولو سلّمنا أن الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من اللَّه تكون واحدةً، فلعلّ هذه الصلاة الواحدة من اللَّه تساوي في الشرف مائة ألف صلاة، أو تزيد في الشرف والكرامة بمائة ألف مرّة، كما أن الجوهرة الواحدة الثمينة النفيسة تساوي في الثمن مائة ألف فلس (?)، واللَّه تعالى أعلم.
وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الصلاة من العبد طلب التعظيم والتبجيل لجناب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والصلاة من اللَّه تعالى، أي في الجزاء إن كانت بمعنى الغفران فيكون من باب المشاكلة من حيث اللفظ، وإن كانت بمعنى التعظيم، فيكون من الموافقة لفظًا ومعنى، وهذا هو الوجه؛ لئلا يتكرّر معنى الغفران، أي مع الحطّ (?).