أخرج ابن ماجه ذلك عن ابن مسعود من قوله، قال: قولوا: "اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد عبدك ورسولك. . . " الحديث.

وبالغ ابن العربي في إنكار ذلك، فقال: حَذَار مما ذكره ابن أبي زيد من زيادة: "وترحم"، فإنه قريب من البدعة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- علّمهم كيفية الصلاة عليه بالوحي، ففي الزيادة على ذلك استدراك عليه. انتهى.

وابن أبي زيد ذكر ذلك في صفة التشهد في "الرسالة" لَمّا ذكر ما يستحب في التشهد، ومنه: "اللهم صل على محمد وآل محمد"، فزاد: "وترحم على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد. . . إلخ"، فإن كان إنكاره لكونه لم يصحّ فمسلّم، وإلا فدعوى مَن ادَّعى أنه لا يقال: "ارحم محمدًا" مردودة؛ لثبوت ذلك في عدّة أحاديث، أصحها في التشهد: "السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته".

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد أجاد ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في إنكاره المذكور، فكيف لا يُنكر الزيادة على ما صحّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ والعجيب اعتراض الحافظ عليه.

قال الحافظ: ثم وجدت لابن أبي زيد مستندًا، فأخرج الطبريّ في "تهذيبه" من طريق حنظلة بن عليّ، عن أبي هريرة، رفعه: "من قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، شهدت له يوم القيامة، وشَفَعت له"، ورجال سنده رجال الصحيح، إلا سعيد بن سليمان، مولى سعيد بن العاص الراوي له عن حنظلة بن عليّ، فإنه مجهول. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا لا ينفع في تعقّب ابن العربيّ؛ لأنه ضعيف، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا كله فيما يقال مضمومًا إلى السلام، أو الصلاة، وقد وافق ابنَ العربي الصيدلانيُّ من الشافعية على المنع، وقال أبو القاسم الأنصاريّ شارح "الإرشاد": يجوز ذلك مضافًا إلى الصلاة، ولا يجوز مفردًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015