ووقع عند الطبريّ من وجه آخر في هذا الحديث: "فسكت حتى جاءه الوحي، فقال: تقولون. . . ".

(ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) بعد أن سَكَت منتظرًا للوحي، فنزل عليه: ("قُولُوا: اللَّهُمَّ) هذه الكلمة كَثُر استعمالها في الدعاء، وهو بمعنى: يا اللَّه، والميم عوض عن حرف النداء، فلا يقال: اللهم غفور رحيم مثلًا، وإنما يقال: اللهم اغفر لي، وارحمني، ولا يدخلها حرف النداء إلا في نادر، كقول الراجز:

إِنِّي إِذَا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا ... أَقُولُ يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا

واختُصَّ هذا الاسم بقطع الهمزة عند النداء، ووجوب تفخيم لامه، وبدخول حرف النداء عليه مع التعريف، هالى هذا أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" بقوله:

وَبِاضْطِرَارٍ خُصَّ جَمْعُ "يَا" وَ"أَلْ" ... إِلَّا مَعَ "اللَّهِ" وَمَحْكِيِّ الْجُمَلْ

وَالأَكْثَرُ "اللَّهُمَّ" بِالتَّعْوِيضِ ... وَشَذَّ "يَا اللَّهُمَّ" فِي قَرِيضِ

وذهب الفَرّاء ومن تبعه من الكوفيين إلى أن أصله "يا اللَّه"، وحذف حرف النداء تخفيفًا، والميم مأخوذة من جملة محذوفة، مثل أُمَّنَا بخير، وقيل: بل زائدة، كما في زُرْقُم للشديد الزُّرْقَة، وزيدت في الاسم العظيم تفخيمًا، وقيل: بل هو كالواو الدالة على الجمع، كأن الداعي قال: يا مَن اجتمعت له الأسماء الحسنى، ولذلك شُدِّدت الميم؛ لتكون عوضًا عن علامة الجمع، وقد جاء عن الحسن البصريّ: اللهم مُجْتَمَعُ الدعاء، وعن النضر بن شُميل: مَن قال: اللهم فقد سأل اللَّه بجميع أسمائه، ذكره في "الفتح" (?).

(صَلِّ) أصحّ التفاسير للصلاة ما ذكره البخاريّ في "صحيحه" عن أبي العالية قال: معنى صلاة اللَّه على نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثناؤه عليه عند ملائكته، ومعنى صلاة الملائكة عليه الدعاء له.

وعند ابن أبي حاتم، عن مقاتل بن حَيّان قال: صلاة اللَّه مغفرته، وصلاة الملائكة الاستغفار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015