وقوله: (فَحَادَ عَنْهُ) أي مال، وعدل، يقال: حاد عن الشيء يَحِيد حَيْدَةً وحُيُودًا: تَنَحَّى، وبَعُدَ، ويتعدّى بالحرف والهمزة، فيقال: حِدتُ به، وأحدته، مثلُ: ذهب، وذهبت به، وأذهبته، قاله في "المصباح" (?).

والمعنى: أن حذيفة - رضي الله عنه - مال عن طريق النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لئلا يصافحه على عادته - صلى الله عليه وسلم -، كما بينته رواية النسائيّ، فقد أخرج الحديث من طريق أبي بردة، عن حذيفة - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لَقِيَ الرجل من أصحابه ماسحه ودعا له، قال: فرأيته يومًا بُكْرَةً، فَحِدتُ عنه، ثم أتيته حين ارتفع النهار، فقال: "إني رأيتك، فَحِدت عنّي"، فقلت: إني كنت جنبًا، فخَشِيت أن تَمَسَّني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسلم لا ينجس"، وتمام شرح الحديث يُعلم مما قبله.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث حُذيفة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [28/ 831] (372)، و (أبو داود) في "الطهارة" (230)، و (النسائيّ) فيها (1/ 145)، و (ابن ماجه) فيها (535)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (1258 و 1369 و 1370)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (1/ 173)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (775 و 776 و 777 و 778)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (818 و 819)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(29) - (بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى فِي حَالِ الْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[832] (373) - (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاء، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ").

طور بواسطة نورين ميديا © 2015