وقال في "الفتح" ما حاصله: وأما مقدار الْفَرَق، فقد تبيّن في رواية ابن عيينة حيث قال: الفَرَقُ ثلاثة آصع، قال النوويّ: وكذا قال الجماهير، وقيل: الفَرَق صاعان، لكن نقل أبو عُبيد الاتفاق على أن الفَرَق ثلاثة آصع، وعلى أن الفرق ستة عشر رطلًا، ولعله يريد اتفاق أهل اللغة، وإلا فقد قال بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم: إن الصاع ثمانية أرطال، وتمسكوا بما رُويَ عن مجاهد في حديث عائشة أنه حَزَرَ الإناء ثمانية أرطال، والصحيح الأول، فإن الْحَزْر لا يعارض به التحديد، وأيضًا فلم يُصَرِّح مجاهد بأن الإناء المذكور صاع، فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها.
ويؤيد كون الفرَق ثلاثة آصع ما رواه ابن حبان، من طريق عطاء، عن عائشة، بلفظ: "قدر ستة أَقْسَاط"، والقِسْط بكسر القاف، وهو باتفاق أهل اللغة نصف صاع، والاختلاف بينهم أن الفرَق ستة عشر رطلًا، فصح أن الصاع خمسة أرطال وثلث.
وتوسط بعض الشافعية، فقال: الصاع الذي لماء الغسل ثمانية أرطال، والذي لزكاة الفطر وغيرها خمسة أرطال وثلث، وهو ضعيفٌ. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض" [9/ 732 و 733] (319) و [9/ 734] (320) و [9/ 735 و 736 و 737 و 738] (321)، و (البخاريّ) في "الغسل" (250 و 261 و 263) و"الحيض" (299)، و (أبو داود) في "الطهارة" (238)، و (الترمذيّ) في "الطهارة" (104)، و (النسائيّ) في "الطهارة" (1/ 127 - 128)، و (ابن ماجه) في "الطهارة" (376)، و (مالك) في "الموطّأ" (1/ 44)، و (أبو داود الطيالسيّ) في "مسنده" (1/ 42)، و (عبد الرزاق) في "مصنّفه"