و"الْقَدَحُ" بفتحتين: واحد الأَقْدَاح، مثلُ سَبَب وأسباب، وهو إناء يُرْوي الرجلين، وليس له حدّ، وقيل: هو اسم يجمع صغارها وكبارها، ومُتّخذها قَدّاح، وصِناعته قِدَاحة (?)، وفسّرته عائشة - رضي الله عنها - هنا بقولها: (وَهُوَ الْفَرَقُ)، وعند البخاريّ من رواية ابن أبي ذئب: "يقال له: الفرق"، ولأبي داود الطيالسيّ من روايته: "وذلك الْقَدَحُ، يُدْعَى الْفَرَقَ".
قال ابن التين - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْفَرْقُ" بتسكين الراء، ورَوَيناه بفتحها، وجَوَّز بعضهم الأمرين، وقال الْقُتيبيّ وغيره: هو بالفتح، وقال النوويّ: الفتح أفصح وأشهر، وزعم أبو الوليد الباجيّ أنه الصواب، قال: وليس كما قال، بل هما لغتان.
قال الحافظ: لعل مُستَنَد الباجيّ ما حكاه الأزهريّ، عن ثعلب وغيره: "الْفَرَقُ" بالفتح، والمحدثون يُسَكّنونه، وكلام العرب بالفتح. انتهى.
وقد حَكَى الإسكان أبو زيد، وابن دُريد، وغيرهما، من أهل اللغة، والذي في روايتنا هو الفتح، والله أعلم.
وحَكَى ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْفَرَقُ" بالتحريك: مكيالٌ يَسَعُ ستة عشر رِطْلًا، وهو اثنا عشر مُدًّا، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز، وقيل: الْفَرَق خمسة أَقْساط، والْقِسْطُ: نصف صاع، فأما الْفَرْقُ بالسكون، فمائة وعشرون رطلًا. انتهى (?)، قال في "الفتح": وهو غريب (?).
(وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ)، أي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أبرز الضمير لأجل عطف المظهر على الضمير المتّصل، كما قال في "الخلاصة":
وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ ... عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصلْ
أَوْ فَاصِلٍ ما وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ ... فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ
وفي رواية البخاريّ: "كنت أغتسل أنا والنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أبرز الضمير؛ ليعطف عليه المظهر.