الحيض، فلما اختلفوا بعد إجماعهم من منع وطئها في حال الحيض، وجب أن يكون التحريم قائمًا حتى يتفقوا على الإباحة، ولم يتفقوا قط إلا بعد أن تطهر بالماء، في حال وجود الماء.
قال ابن المنذر: فأما ما رُوي عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، فقد رَوَينا عن عطاء، ومجاهد خلافَ هذا القول، ثبت عن عطاء أنه سئل عن الحائض أنها تَرَى الطهر، ولم تغتسل أتحل لزوجها؟ فقال: لا حتى تغتسل، ثم أخرج عن ابن جريج، عن عطاء، وعن مجاهد، أنهما قالا: لا يأتيها حتى تحلّ لها الصلاة.
قال: فهذا ثابت عنهما، والذي رَوَى عن طاوس، وعطاء، ومجاهد الرخصةَ ليثُ بن أبي سليم، وليث ممن لا يجوز أن يقابل به ابن جريج، ولو لم يخالفه ابن جريج لم تثبت رواية ليث بن أبي سليم، وإذا بطلت الروايات التي رُوِيت عن عطاء، وطاوس، ومجاهد كان المنع من وطء مَن قد طَهُرت من المحيض، ولم تتطهّر بالماء كالإجماع من أهل العلم، إلا ما قد ذكرناه من منع ذلك، ولا نجد أحدًا ممن يُعَدّ قوله خلافًا قابلهم إلا بعض من أدركنا من أهل زماننا، ممن لا (?) أن يقابَلُ عوام أهل العلم به (?).
واحتجّ بعض من أدركنا ممن يخالف ما عليه عوام أهل العلم، فقال: نَهَى الله تبارك وتعالى عن وطء الحائض، وأباح وطأ الطاهر بقوله: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} الآية [البقرة: 222]، وأجمعوا أن للزوج وطأ زوجته الطاهر، ولو كانت إذا انقطع دمها إنما تطهر باغتسالها وجب ما لم يكن الغسل منها أنها حائض، وليس على الحائض عند الجميع غسل، والحيض معنًى، والطهر