مُحْرِجا، صلّى الله عليه وعلى آله، وصحبه، وسلّم تسليمًا أبْهَجَا.
[أما بعد]: فلمّا يسّر الله تعالى لي بفضله شرح مقدّمة صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى، شرحًا مطوّلًا مستوعبًا لمقاصدها، ومحتويًا على فوائدها، ويسّر الله تعالى طبعه، ونشره بين أهل العلم، أحببتُ أن أتطفّل بإلحاق ذلك بشرح "صحيحه" كاملًا، شرحًا يستوفي مقاصده، ويحوي فوائده، ويستوعب مباحثه، ويزيل ملتبساته، ويفتح مقفلاته، ويبيّن ما تضمّنه من أنواع العلوم، وأسرار الفهوم، ويوضّح ما وقع فيه من المشكلات الإسناديّة، أو المتنيّة، وغير ذلك من المطالب التي هي من أهمّ المهمّات لطلّاب العلم، ولا سيّما طلّاب الحديث، مستمدًّا ذلك من فيض فضل الملك الوهّاب، ومقتبسًا من كلام أولي الألباب، من جهابذة أهل الحديث، ممن أسهموا في خدمة هذا الفنّ في القديم والحديث، وأخصّ منهم شُرّاحه الحفّاظ الأئمة الأخيار: القاضي عياضًا، وابن الصلاح، والقرطبي، والنوويّ. وحَذَام (?) المحدثين في المتأخرين، أحمد بن محمد بن عليّ المعروف بابن حجر العسقلاني، في كتابه العديم النظير في بابه "فتح الباري شرح صحيح البخاري"، فقد قلت فيه: لولا فتح الباري، ثم "فتح الباري" (?) ما قضيت أوطاري.
وكذا كتب الأئمة الحفّاظ: ابن المنذر، والبيهقيّ، والبغويّ، والخطابئ، والمنذريّ، والذهبيّ، وابن حزم، وابن دقيق العيد، وابن المُلَقّن، وابن تيميّة، وابن القيّم، والعينيّ، وابن قُدا مة، والصنعا نيّ، والشوكانيّ، وابن الأثير، والفيّوميّ، وابن منظور، والمجد الفيروزآباديّ، وغيرهم ممن يمرّ عليك حين أعزو الكلام إليه، رحمهم الله تعالى أجمعين، وحشرنا في زمرتهم، وأدخلنا مدخلهم الكريم آمين.
فسيكون الشرح - إن شاء الله تعالى - بحوله وقوته قرّة أعين محبي السّنَّة، يزيل عنهم كلّ غبَش وسِنَة.