وقوله: (بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيةَ) يعني أن معنى رواياتهم كمعنى رواية أبي معاوية الماضية، وإن كان في ألفاظهم اختلافٌ، كما يرشد إليه استثناؤه التالي.
وقوله: (غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عِيسَى وَسُفْيَانَ .. إلخ) "غير" هنا بمعنى "إلا" الاستثنائيّة، يعني إلا أن في رواية عيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة ما نصّه: قَالَ - أي الأعمش: فَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ .. إلخ.
[تنبيه]: أما رواية عيسى بن يونس، فقد ساقها الحافظ الدارقطنيّ رحمه الله في "سننه"، فقال:
(1/ 193) حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل، نا يعقوب بن إبراهيم، نا أبو معاوية، وعيسى بن يونس، قالا: نا الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، قال: بال جرير، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقيل له: أتفعل هذا، وقد بُلْتَ؟ قال: نعم، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ، ومسح على خفيه، قال الأعمش: قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن جريرًا كان إسلامه بعد نزول المائدة.
هذا حديث أبي معاوية، وقال عيسى بن يونس: فقيل له: يا أبا عمرو، أتفعل هذا، وقد بُلْتَ؟ فقال: وما يمنعني، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه؟ وكان أصحاب عبد الله يعجبهم ذلك؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة انتهى.
وأما رواية سفيان بن عيينة، فقد ساقها الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده"، فقال:
(18405) حدثنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، قال: رأيت جرير بن عبد الله يتوضأ من مَطهَرة، ومسح على خفيه، فقالوا: أتمسح على خفيك؟ فقال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: مرة - يمسح على خفيه، فكان هذا الحديث يعجب أصحاب عبد الله، يقولون: إنما كان إسلامه بعد نزول المائدة. انتهى.
وأما رواية عليّ بن مسهر، فلم أجد من ساقها بالتمام، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.