وقوله: (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ) وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي: "خالفوا المجوس"، قال في "الفتح": وهُم المراد في حديث ابن عمر، فإنهم كانوا يقصّون لحاهم، ومنهم من كان يَحلقها. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يبعد أن يكون المشركون أيضًا يفعلونه كالمجوس، والله تعالى أعلم.

[تنبيه مهمّ]: هذا الحديث فيه دليلٌ على اجتناب التشبّه بالمشركين، والمجوس، ونحوهم، من الكفرة، والمنافقين، والفسقة، وأهل المعاصي؛ لأن التشبه بهم يُلحق بهم، ويُدخِل في زمرتهم، فقد أخرج أبو داود في "سننه" (?) بإسناد حسن، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَشَبَّه بقوم فهو منهم".

وذلك لأن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين في الباطن، ويقود ذلك إلى محبتهم وموالاتهم، وذلك مناف لمقتضى الإيمان؛ لأن الله تعالى قال: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية [الممتحنة: 1].

وقد ألّف شيخ الإسلام ابن تيميّة - رَحِمَهُ اللهُ - كتابًا عديم النظير في بابه، يسمى "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم"، وأجاد فيه، وأفاد، وأسهب، وأعاد، فعليك به، تنل الهدى والرشاد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإِمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[609] (260) - (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، مَوْلَى الْحُرَقَة، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: "جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ").

طور بواسطة نورين ميديا © 2015