قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما ذهب إليه الباجيّ ومن معه هو الأرجح، وحاصله أن المراد بهم الذين كانوا يتظاهرون في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أو بعده بالإسلام، وهم منافقون، يُجْعَل لهم سيما كسيما المؤمنين المخلصين، فيعرفهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما ظهر من السيما، فيناديهم، فيقال له: "إنهم قد بدلوا بعدك"، فيقول: "سُحقًا سُحقًا"، وما ذكره بعض الشراح من أن هذا بعيد، وفيه تكلّف (?)، ليس كما قال، بل هو واضح، لا بُعْد فيه، فتأمله بإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
[591] ( ... ) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ - (ح) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، جَمِيعًا عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَة، فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ"، بِمِثْلِ حَدِيثِ (?) إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ: "فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ) هو: عبد العزيز بن محمد الدّرَاوَرْديّ المدنيّ، صدوقٌ [8] (ت 186) (ع) تقدم في "الإيمان" 8/ 135.
2 - (إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ)، أبو موسى المدنيّ، قاضي نيسابور، ثقةٌ متقنٌ [10] (244) (م ت س ق) تقدم في "الإيمان" 43/ 282.
3 - (مَعْن) بن عيسى بن يحيى الأشجعيّ مولاهم، أبو يحيى المدنيّ، ثقةٌ ثبت، من كبار [10] (ت 198) (خ م) تقدم في "الطهارة" 7/ 563.
4 - (مَالِك) بن أنس إمام دار الهجرة المذكور في الباب الماضي.