فأصحابه هم الذين رأوه، وصحبوه مؤمنين، وإخوانه هم الذين آمنُوا به، ولم يروه، وقد جاء منصوصًا عنه - صلى الله عليه وسلم -، والإخوان والإخوة هنا معناهما سواءٌ، وقد قُرِئت: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الآية [الحجرات: 10]، و"بين إخوتكم"، و"بين إخوانكم"، وقد رُوي عن الحسن البصريّ أنه قرأ بهذه الثلاث (?)، قرأ {بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، و"إخوتكم"، و"إخوانكم"، قال أبو حاتم: والمعنى واحد، ألا ترى إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقوله: {أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ} الآية [النور: 61]، إلا أن العامة أُولعَت بأن تقول: إخوتي في النسب، وإخواني في الصداقة. وممن قرأ: "فأصلحوا بين إخوانكم" ثابت البنانيّ، وعاصم الجحدريّ، ورُوي ذلك عن زيد بن ثابت، وابن مسعود، ويعقوب: "إخوتكم"، وقراءة العامّة: {أَخَوَيْكُمْ} على اثنين في اللفظ.

وأما الأصحاب: فمن صَحِبَك وصحبته، وجائز أن يُسَمَّى الشيخُ صاحبًا للتلميذ، والتلميذ صاحبًا للشيخ، والصاحب: القرين المماشي المصاحب، فهؤلاء كلهم أصحابٌ، وصحابة. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمهُ اللهُ (?).

وقوله: (بَعْدُ) بالبناء على الضمّ؛ لقطعه عن الإضافة، ونيّة معناها، أي: بعد هذا الوقت، يعني أنهم لم يوجدوا معه "الآن"، وكلمة "بَعْدُ" قد يراد بها الآن، كما في قول بعضهم [من الطويل]:

كَمَا قَدْ دَعَانِي فِي ابْنِ مَنْصُورَ قَبْلَهَا ... وَمَاتَ فَمَا حَانَتْ مَنِيَّتُهُ بَعْدُ

أي الآن: قاله المرتضى في "شرح القاموس" (?).

وَيَحتمل أن تكون على معناها، ويكون الظرف حالًا، أي: حال كون وقتهم بعد وقتنا هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015