وأخرج ابن ماجه من حديث أبي أيوب - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، وأداء الأمانة كفّارة لما بينهنّ، قيل: وما أداء الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة، فإن تحت كل شعرة جنابة" (?).
وحديث أبي الدرداء الذي قبله جَعَل فيه الوضوء من أجزاء الصلاة، وجاء في حديث أخرجه البزار (?) من رواية شَبَابة بن سَوّار، حدثنا مغيرة بن مسلم، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعًا: "الصلاة ثلاثة أثلاث: الطهور ثلث، والركوع ثلث، والسجود ثلث، فمن أدّاها بحقّها قُبِلت منه، وقُبل منه سائر عمله، ومن رُدّت عليه صلاته، رُدّ عليه سائر عمله"، وقال: تفرد به المغيرة، والمحفوظ عن أبي صالح، عن كعب، من قوله.
فعلى هذا القسم الوضوء ثلث الصلاة، إلا أن يُجعل الركوع والسجود كالشيء الواحد؛ لتقاربهما في الصورة، فيكون الوضوء نصف الصلاة أيضًا.
ويَحْتَمِل أن يقال: خصال الإيمان من الأعمال والأقوال كلِّها تُطَهِّر القلب وتزكيه، وأما الطهارة بالماء فهي تختص بتطهير الجسد وتنظيفه، فصارت خصال الإيمان قسمين: أحدهما يُطَهِّر الظاهر، والآخر يطهر الباطن، فهما نصفان بهذا الاعتبار، والله تعالى أعلم بمراده، ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كله. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أقرب الأجوبة كلّها عندي قول من قال: إن المراد بالإيمان ها هنا الصلاة، والصلاة شرط صحّتها الطهارة، فمن هذه الحيثيّة صار الطهور نصفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن، أو تملأ ما بين السموات والأرض".