كالرهن اسمٌ لكل مرهون، ثم يتخصّص بالإضافة، فيقال: "كتاب الإيمان"، "كتاب الطهارة"، "كتاب الصلاة"، فالإضافة فيه للبيان، مثلها في "خاتم حديد".
ثم الإضافة في "كتاب الطهارة" يحتمل أن تكون بمعنى اللام؛ أي كتاب موضوع لشرح الطهارة، واللام للاختصاص؛ أي مختصّ بالطهارة من بقيّة أنواع علوم الحديث، وأن تكون بمعنى "من"؛ أي كتاب من الطهارة، كقولهم: خاتم فضّة؛ أي من فضّة، أو بمعنى "في"؛ أي كتاب موضوع في شرح الطهارة (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قوله: "كتاب الطهارة" مركّبٌ إضافيّ، فقيل: إن حدّ المركب الإضافيّ لقبًا متوقّف على معرفة جزأيه؛ لأن العِلْمَ بالمركّب بعد العلم بجزأيه، وقيل: لا يتوقّف؛ لأن التسمية به سَلَبت كلًّا من جزأيه عن معناه الإفراديّ، وصَيَّرت الجميع اسمًا لشيء آخر، ورُجّح الأول بأنه أتمّ فائدةً، وعليه اختُلف، فقيل: الأولى البداءة ببيان المضاف؛ لأنه الأسبق في الذكر، وقيل: بالمضاف إليه؛ لأنه أسبق في المعنى؛ إذ لا يُعلم المضاف من حيث هو مضاف حتى يُعلم ما أُضيف إليه، وهو أحسن؛ لأن المعاني أقدم من الألفاظ.
وقد استوفيت البحث عن معنى"كتاب"، في "كتاب الإيمان"، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): "الطهارة": مصدر طَهُرَ، يقال: طَهُر الشيءُ من بابي قَتَلَ وقَرُبَ طَهارةً، والاسم الطُّهرُ، وهو النقاء من الدنس، والنجس، وهو طاهرُ الْعِرْض: أي بريء من العيب، ومنه قيل للحالة المناقضة للحيض: طُهْرٌ، والجمع أَطْهارٌ، مثلُ قُفْل وأَقْفَال، وامرأة طاهر من الأَدْناس، وطاهرٌ من الحيض، بغير هاء، وقد طَهَرَت من الحيض، من باب قَتَلَ، وفي لغة قليلة من باب قَرُبَ، وتطهرت: اغتَسَلَت، وتكون الطهارة بمعنى التَّطَهُّر، وماءٌ طاهرٌ: خلافُ نَجِسٍ، وطاهرٌ: صالحٌ للتطهر به، وطَهُور قيل: مبالغةٌ، وإنه بمعنى طاهرٍ، والأكثر أنه لوصف زائد، قال ابن فارس: قال ثعلب: الطهور: هو الطاهر في نفسه، المطهر لغيره.