لأنه صدوق لم يكن سبب موهن به غير الخطأ، والخطأ متى لم يفحش لم
يستحقّ صاحبه الترك. انتهى.
ففيه نظر لا يخفى، فقد سمعت أن الأئمة: أحمد، وابن معين، وأبا زرعة،
والنسائيّ، وغيرهم اتّفقوا على توثيقه، وقال ابن عبد البرّ: وأجمعوا على توثيقه،
فكيف يقول ابن حبّان: كان يُخطئ؟ إلى آخر كلامه، فهذا من العجائب، وأعجب
منه سكوت الحافظ في "تهذيبه" عليه، ولم يعلّق عليه شيئًا، والله تعالى المستعان.
قال عبد الحميد بن بيان الواسطيّ عن أبيه: مات سنة اثنتين وعشرين
ومائة، وقال ابن منجويه: مات سنة خمس وأربعين ومائة.
أخرج له الجماعة، وليس في هذا الكتاب إلا هذا الحديث.
4 - (أَبُو مِجْلَزٍ) - بكسر الميم، وسكون الجيم- لاحق بن حُميد بن سعيد
السَّدوسيّ البصريّ، من كبار [3]، تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" 56/
1547.
5 - (قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ) - بضمّ العين المهملة، وتخفيف الموحّدة- الضُّبَعيّ،
أبو عبد الله البصويّ مخضرم [2]، تقدم في "فضائل الصحابة" 33/ 6361.
6 - (أَبُو ذَرٍّ) جندب بن جُنادة الغفاريّ الصحابيّ الشهير رحمه الله، تقدم في
"الإيمان" 29/ 224.
شرح الحديث:
(عَنْ قَيْس بْنِ عُبَادٍ) الضبعيّ؛ أنه (قَالَ: يسَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ) -رضي الله عنه- (يُقْسِمُ) بضمّ
أوله، من الإقسامِ، وهو الحلف؛ أي: يحلف، وقوله: (قَسَمًا) بفتحتين: اسم
من الإقسام، (إِنَّ) قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}؛ أي: هذان
الفريقان المتنازلان من المؤمنين والمشركين، {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ
فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}
[الحج: 19]، أي: متنازعان، {اخْتَصَمُوا}؛ أي: تنازعوا {فِي رَبِّهِمْ}، أي: في
دين ربهم، واختلفوا، وتقاتلوا، كلّ على نَصْر دينه، والخصم في الأصل
مصحدر، فيوحّد، ويذكّر غالبًا، كقوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا
الْمِحْرَابَ (21)} [ص: 21]، ويجوز أن يثنّى، وُيجمع، ويؤنث، كهذه الآية، ولمّا