هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، هَذَا -وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ- رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ يَقُولُ:
"مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ".
(3007) - قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ أَنَا: يَا عَمِّ لَوْ أنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ،
وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ، وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَت عَلَيْكَ حُلَّةٌ، وَعَلَيْهِ
حُلَّةٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، يَا ابْنَ أَخِي بَصَرُ عَيْنَىَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ
أُذُنَىَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا -وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ- رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ
يَقُولُ: "أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ"، وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ
الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(3008) - ثُمَّ مَضَيْنَا، حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِهِ، وَهُوَ
يُصَلِّي، فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ، حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْقِبْلَةِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، أتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ؟ ، قَالَ:
فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَوَّسَهَا: أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَىَّ
الأَحْمَقُ مِثْلُكَ، فَيَرَانِي كيْفَ أَصْنَعُ؟ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ.
أتَانَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي
قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً، فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "أيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ
يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ "، قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: "أيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ "،
قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: "أيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ "، قُلْنَا: لَا، أيُّنَا يَا
رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ،
فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى،
فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ، فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا"، ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ:
"أَرُونِي عَبِيرًا"، فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ،
فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أثَرِ النُّخَامَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.
(3009) - سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ
الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِىَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ، وَالسِّتَّةُ، وَالسَّبْعَةُ،