[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رحمه الله-، وأن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ
مخضرم، وأن قيساً هو الذي روى عن العشرة المبشّرين بالجنة كلهم، ولا
يشاركه فيه أحد.
شرح الحديث:
(عَنْ قَيْس) بن أبي حازم؛ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصِ) - رضي الله عنه -
(يَقُولُ: وَاللهِ إِنِّي لأوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمِ فِي سَبِيلِ اللهِ) زاد الَترمذيّ
من طريق بيان، عن قيس: سمعت سعداً يقول: "إنِّي لأول رجل أهراق دمًا في
سبيل الله"، وفي رواية ابن سعد في "الطبقات" من وجه آخر عن سعد: أن ذلك
كان في السرية التي خرج فيها مع عُبيدة بن الحارث في ستين راكبًا، وهي أول
السرايا بعد الهجرة، قاله في "الفتح" (?).
وقال في "العمدة": كان ذلك في سرية عُبيدة بن الحارث بن
عبد المطلب، وكان القتال فيها أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين،
وكانت هي أول سرية بعثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة الأولى من الهجرة، بعث
ناساً من المسلمين إلى رابغ؛ ليلقَوا عِيراً لقريش، فتراموا بالسهام، ولم يكن
بينهم مسايفة؛ أي: مضاربة ومحاربة، وكان سعد أول من رمى، وكانوا ستين
راكباً من المهاجرين، وفيهم سعد، وعقد له اللواء، وهو أول لواء عقده
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالتقى عُبيدة وأبو سفيان الأمويّ، وكان هو على المشركين،
وهذا أول قتال جرى في الإسلام، وأول من رمى إليهم هو سعد، وفيه قال [من
الوافر]:
أَلَا هَلْ جَا رَسُولَ اللهِ أَنِّي ... حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصدُورِ نَبْلِي
فَمَا يُعْتَدُّ رَامٍ مِنْ مَعَدٍّ ... بِسَهْمٍ مَعْ رَسُولِ اللهِ قَبْلِي (?)
(وَلَقدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ نَأكلُهُ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ) بضم