الناس (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ") تنويهاً بشرفه، ورفعة
قَدْره، (فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ) بعد أن أبدت كراهيتها له؛ لكونه
مولى، ثم أعاد عليها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مراراً، فقالت له - صلى الله عليه وسلم -: (أَمْرِي بِيَدِكَ)؛ أي:
جعلت أمر نكاحي بيدك، وتصرّفك، (فَأَنْكِحْنِي مَنْ شِئْتَ) أسامة أو غيره.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - لها: ("انْتَقِلِي)؛ أي: من المكان الذي أنت فيه؛ لأنها شَكَت إليه
أنها في بيت خال، تخشى أن يُقتحم عليها، فأمرها بأن تنتقل (إِلَى) بيت (أُمِّ
شَرِيكٍ") أم شريك هذه قرشيّةٌ عامريّةٌ، وقيل: إنها أنصاريّةٌ، واسمها غُزَيّة،
وقيل: غُزيلة - بغين معجمة مضمومة، ثم زاي فيهما - وهي بنت داود بن
عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن حُجير بن عبد بن معيص بن عامر بن
لُؤيّ بن غالب، وقيل في نسبها غير هذا. قيل: إنها التي وهبت نفسها
للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: غيرها. انتهى (?).
(وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ عَنِيَّةٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال النوويّ: هذا قد أنكره بعض
العلماء، وقال: إنما هي قرشية، من بني عامر بن لؤيّ، وقال آخرون: هما
اثنتان: قرشية، وأنصارية. انتهى.
(عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ)؛ أي: إنها كثيرة النفقة في الخير، (يَنْزِلُ
عَلَيْهَا الضِّيفَانُ) بالكسر جمع ضيف، (فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ)؛ أي: سأنتقل إلى بيتها.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - بعدما تذكّر أن بيت أم شريك لا يليق بها؛ لكثرة من يزورها من
الرجال، فقال لها: ("لَا تَفْعَلِي)؛ أي: لا تنتقلي إليها، ثم علّل ذلك بقوله:
(إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ) الذي
تستترين به، (أَوْ يَنْكَشِفَ) "أو" للتنويع، لا للشكّ، (الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ، فَيَرَى
الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ) أن يراه الأجانب.
ومعنى هذا الكلام: أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يزورون أم شريك، ويُكثرون
التردد إليها لصلاحها، وإنفاقها عليهم، فرأى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن على فاطمة من
الاعتداد عندها حرجاً، من حيث إنه يلزمها التحفّظ من نَظَرهم إليها، ونَظَرها
إليهم، وانكشاف شيء منها، وفي التحفّظ من هذا مع كثرة دخولهم، وتردّدهم