الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي)؛ أي: في آخرها قرب الساعة، (فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ) أبهمه

لحكمة في ترك التمييز، أو نسيه الراوي، ولذا قال: "لا أدري أربعين يوماً، أو

شهراً، أو عاماً".

قال التوربشتيّ - رحمه الله -: "لا أدري - إلى قوله - فيبعث الله عيسى" من قول

الراوي، الظاهر أنه الصحابيّ، أي لم يزدني النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على أربعين شيئاً، يبيّن

المراد منها، فلا أدري أيّاً أراد بهذه الثلاثة. انتهى (?).

(لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْماً، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْراً، أَوْ أَرْبَعِينَ عَاماً) يعني أنه لم

يذكره تمييز العدد، بل أبهمه، لكن تبيّن برواية غيره، كالنوّاس بن سمعان - رضي الله عنه -

أنه "يمكث أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه

كأيامكم"، (فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) عليه السلام، وقد سبق في حديث النوّاس أنه

"ينزل عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق".

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "فيبعث الله عيسى ابن مريم"؛ أي: ينزله من

السماء، حاكماً بشرعنا، وقد سبق بيان هذا في "كتاب الإيمان"، قال

القاضي - رحمه الله -: نزول عيسى عليه السلام، وقَتْله الدجال حقّ، وصحيحٌ عند أهل السُّنَّة؛

للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل، ولا في الشرع ما يبطله،

فوجب إثباته، وأنكر ذلك بعض المعتزلة، والجهمية، ومن وافقهم، وزعموا أن

هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]

وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نبي بعدي"، وبإجماع المسلمين أنه لا نبيّ بعد نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -، وأن

شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة، لا تُنسَخ، وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد

بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبياً بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث، ولا

في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا، وما سبق في "كتاب

الإيمان"، وغيرها أنه ينزل حَكَماً مُقسطاً، يحكم شرعنا، ويحيي من أمور

شرعنا ما هَجرهُ الناس. انتهى (?).

(كَأَنَّهث عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ)؛ أي: كأن عيسى عليه السلام يشبه عروة بن مسعود بن

مُعَتِّب - بالمهملة، والمثناة المشددة - ابن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015