"كالغيث استدبرته الريح، فيأتي القوم، فيَدْعُوهم، فيكذبونه، ويردّون عليه قوله،

فينصرف عنهم، فتتبعه أموالهم، ويصبحون ليس بأيديهم شيء، ثم يأتي القوم،

فيدعوهم، فيستجيبون له، ويصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر

الأرض أن تنبت فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم، كأطول ما كانت ذُراً، وأمدّه

خواصر، وأدرّه ضروعاً، قال: ثم يأتي الخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك،

فينصرف منها، فيتبعه كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً شابّاً ممتلئاً شباباً،

فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين، ثم يدعوه، فيُقبل يتهلل وجهه، يضحك،

فبينما هو كذلك، إذ هبط عيسى ابن مريم؛ بشرقيّ دمشق، عند المنارة

البيضاء، بين مهرودتين، واضعاً يديه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قَطَر،

وإذا رفعه تحدّر منه جمان كاللؤلؤ، قال: ولا يجد ريح نَفَسه - يعني أحد - إلا

مات، وريح نَفَسه منتهى بصره، قال: فيطلبه حتى يدركه بباب لُدّ، فيقتله،

قال: فيلبث كذلك ما شاء الله، قال: ثم يوحي الله إليه أن حَرِّز عبادي إلى

الطور، فإني قد أنزلت عباداً لي لا يَدَان لأحد بقتالهم، قال: ويبعث الله

يأجوج ومأجوج، وهم كما قال الله: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء:

96]، قال: فيمر أولهم ببحيرة الطبرية، فيشرب ما فيها، ثم يمر بها آخرهم،

فيقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ثم يسيرون، حتى ينتهوا إلى جبل بيت مقدس،

فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هَلُمّ فلنقتل من في السماء، فيرمون بنُشّابهم

إلى السماء، فيردّ الله عليهم نشّابهم مُحَمَّراً دماً، ويُحاصر عيسى ابن مريم

وأصحابه، حتى يكون رأس الثور يومئذٍ خيراً لأحدهم من مائة دينار لأحدكم

اليوم، قال: فيرغب عيسى ابن مريم إلى الله وأصحابه، قال: فيرسل الله إليهم

النَّغَفَ في رقابهم، فيصبحون فرسى موتى كموت نَفْس واحدة، قال: ويهبط

عيسى وأصحابه، فلا يجد موضع شبر إلا وقد ملأته زَهْمتهم، ونَتْنهم،

ودماؤهم، قال: فيرغب عيسى إلى الله وأصحابه، قال: فيرسل الله عليهم طيراً

كأعناق البخت، قال: فتحملهم، فتطرحهم بالْمَهْبَل (?)، ويستوقد المسلمون من

قسيّهم، ونشّابهم، وجعابهم سبع سنين، قال: ويرسل الله عليهم مطراً، لا يُكِنّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015