عَائِشَةَ، فَقَالَ: "رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ"؛ يَعْنِي:
الْمَشْرِقَ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم قبل أربعة أبواب.
2 - (وَكِيعُ) بن الجرّاح، أبو سفيان الرؤاسيّ الكوفيّ، تقدّم قريبًا.
3 - (عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ) العجليّ، أبو عمار اليماميّ، أصله من البصرة،
صدوق يَغْلَط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب
[5] مات قبيل الستين ومائة (خت م 4) تقدم في "الإيمان" 12/ 155.
والباقيان ذُكرا قبله.
شرح الحديث:
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما -؛ أنه (قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ" - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْتِ
عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (فَقَالَ: "رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَا هُنَا)؛ أي: في جهة المشرق، قال
القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "رأس الكفر ... إلخ" إشارة إلى من نبّه عليه من
أهل نجد.) وربيعة، ومُضر؛ لأنهم الذين عاندوا النبوّة، وقَسَوْا عن إجابة
الحقّ، وقبول الدعوة، وهم بالصفة التي وَصَفَ أهل خيل وإبل، وأصحابُ
وَبَر، ونجدٌ مشرقٌ من المدينة، أو من تبوك على ما ذُكِر أنه قال بعض هذا
الحديث بتبوك.
والمراد برأس الكفر: مُعظمه، وشرّه، وقد تأوّل بعضهم أنه قال ذلك،
وأهل المشرق يومئذ أهل كفر، وأن مراده بقوله: "رأس الكفر نحو المشرق"
فارس، وما ذكرناه أَولى؛ لقوله في الحديث: "أهل الوبر قبل مطلع الشمس"،
وفارس ليسوا أهل وَبَر، وقوله: "من ربيعة ومضر"، وأن الموصوفين بعد ذلك
بالجفاء واالخيلاء هم أولئك لا غيرهم، ويؤيّده قوله في الحديث الآخر: "اللَّهُمَّ
اشدُد وطأتك على مضر"، قال في الحديث: "وأهل المشرق يومئذ من مضر
مخالفون له"، ويكون هذا الكفر ما كانوا عليه من عداوة الدين والتعصّب عليه،
ويعضده - حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث قال: "اللَّهُمَّ بارك لنا في يمننا،
وفي شامنا"، قالوا: يا رسول الله: وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: "هنالك