[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خُماسيات المصنف - رَحِمَهُ اللهُ -، وله فيه ثلاثة من الشيوخ قرن بينهم،
ثم فضل؛ لِمَا أسلفته غير مرَّة، وفيه رواية صحابيّ عن صحابيّ، وأن أبا
الطفيل آخر من مات من الصحابة على الإطلاق، وأن حذيفة - رضي الله عنه - من المقلّين
من الرواية، فليس له في الكتب إلَّا نحو خمسة أحاديث، وليس له في البخاريّ
رواية أصلًا (?)، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ) بفتح الهمزة (الْغِفَارِيِّ) بكسر الغين المعجمة،
وتخفيف الفاء: نسبة إلى غِفار بن مُليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة،
كما قاله في "اللباب" (?). (قَالَ) حُذيفة - رضي الله عنه -: (اطّلعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بتشديد الطاء،
أصله اطلتع، فأُبدلت تاء الافتعال طاء؛ لوقوعها بعد حرف الإطباق، وهو
الطاء، كما قال في "الخلاصة":
طَا تَا افْتِعَالٍ رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ ... فِي ادَّانَ وَازْدد وَادَّكر دالًا بَقِي
أي: أشرف النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عَلَيْنَا) معاشر الصحابة (وَ) الحال (نَحْنُ نَتَذَاكَرُ)؛
أي: نتدارس شأن الساعة. (فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("مَا تَذَاكَرُونَ؟ ") أصله تتذاكرون،
فحُذفتء منه إحدى التاءين؛ تخفيفًا، كما في {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]، و" {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} [القدر: 4]، قال في "الخلاصة":
وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ ... فِيهِ عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّبنُ الْعِبَرْ"
ووقع في بعض النسخ: "ما تذكرون؟ " (قَالُوا)، أي: الصحابة
المسؤولون، وفيه التفات؛ إذ الأصل أن يقول: قلنا: (نَذكُرُ السَّاعَةَ)؛ أي: أمر
القيامة، واحتمال قيامها في أي ساعة من الساعات. (قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("إِنَّهَا)؛ أي:
الساعة التي تتذاكرونها، ويَحْتَمِل أن تكون "ها" ضمير القصّة، وهو ضمير
الشأن؛ أي: إن الشأن والقصّة، والأول أقرب. (لَنْ تَقُومَ) الساعة (حتَّى تَرَوْنَ)