الحديث الوارد الذي أفصح فيه برجوعهم عن الطاعة، أخرجه البخاريّ من

حديث سعيد بن عمرو، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كيف أنتم إذا لَمْ تَجْتَبُوا

دينارًا، ولا درهمًا؟ "، فقيل له: وكيف ترى ذلك كائنًا يا أبا هريرة؟ قال: إي

والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق "المصدوق، قال: عم ذاك؟ قال:

"تُنتهك ذمة الله، وذمة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيشدّ الله - عَزَّوَجَلَّ - قلوب أهل الذِّمة، فيَمنعون ما

في أيديهم".

قال في "الفتح": قوله: "إذا لَمْ تجتبوا" من الجباية، بالجيم، والموحّدة،

وبعد الألف تحتانية؛ أي: لَمْ تأخذوا من الجزية والخراج شيئًا.

وقوله: "تُنتهك" بضم أوله؛ أي: تُتناول مما لا يحل من الجور والظلم.

وقوله: "فيمنعون ما في أيديهم"؛ أي: يمتنعون من أداء الجزية، والله

تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [8/ 7249] (2896)، و (أبو داود) في "الخراج"

(3035)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 262)، و (ابن الجارود) في "المنتقى" (1/

279)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (9/ 137)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق"

(2/ 210 - 211)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان معجزة ظاهرة للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث أخبر بما سيكون بعده،

فوقع كما أخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

2 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: تسمية النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكيال كلّ قوم

باسمه المعروف عندهم دليل على أنَّه كان يعرف كلام الناس، وإن بَعُدت

أقطارهم، واختلفت عباراتهم، وقد ثبت أنه كان يخاطب كلّ قوم بلغتهم في

غير موضيع، وهذا منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إخبار بأن أمور الدين، وقواعده يُترك العمل بها؛

لضعف القائم بها، أو لكثرة الفتن، واشتغال الناس بها، وتفاقم أمر المسلمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015