المشهورة بغير "إذا"، فيكون ماضيًا بمعنى الاستقبال، كما قال تعالى: {أَتَى أَمْرُ
اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]؛ أي: يأتي، وكقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ
أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} [المائدة: 116]: يعني: إذ يقول، ومثله كثير، وقد رواه ابن
ماهان: "إذا منعت"، وهو أصل الكلام، غير أنه يحتاج إلى جواب "إذا"،
وَيحْتَمِل ذلك وجهين: أحدهما: أن يكون الجواب: "وعُدتم من حيثما بدأتم"،
وتكون الواو زائدة، كما قال امرئ القيس [من الطويل]:
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الْحَيِّ وَانْتَحَى (?)
أي: لمّا أجزنا انتحي، فزاد الواو، وَيحْتَمِل أن يكون جواب "إذا"
محذوفًا، تقديره: إذا كانت هذه الأمور جاءت الساعة، أو ذهب الدين، ونحو
ذلك، والله أعلم. انتهى (?).
وقال ابن الجوزيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "منعت العراق إلخ" المعنى: ستمنع،
فلما كان إخبارًا عن متحتم الوقوع حَسُن الإخبار عنه بلفظ الماضي؛ تحقيقًا
لكونه، يدلُّ عليه أنه في بعض الألفاظ: "كيف أنتم إذا لَمْ تجتبوا دينارًا، ولا
درهمًا"، وقد كان بعض العلماء يقول: إنما منعوا هذا؛ لأنهم أسلموا، قال:
وهذا إخبار عن إجماع الكل على الإسلام، وهذا ليس بشيء؛ لأنَّ في حديث
البخاريّ: "قال أبو هريرة: كيف أنتم إذا لَمْ تجتبوا دينارًا، ولا درهمًا؟ ، قيل:
وكيف؛ قال: تنهتك ذمة الله، وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فيشدّ الله قلوب أهل الذِّمة،
فيمنعون ما في أيديهم".
وقال، الخطابيّ: معنى الحديث: أن هذه البلاد ستُفتح للمسلمين، ويوضع
عليها الخراج شيئًا مقدّرًا بالمكاييل، والأوزان، وسيُمنع ذلك في آخر الزمان.
انتهى (?).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي معنى "منعت العراق" وغيرها قولان مشهوران: