رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وقوله: (فَلَا تَنْهانِي) بتقدير همزة الاستفهام الإنكاريّ؛ أي: أفلا
تنهاني عن مخالفتي لك، أو محالفتي؛ لأنَّ من كان عنده علم من النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا
أحد يغلب، كما لأنه الحجة الدامغة، قال جندب: (ثُمَّ قُلْتُ) في نفسي: (مَا هَذَا
الْغَضَبُ؟ ! "ما" استفهاميّة، والاستفهام للإنكار، يُنكر على نفسه في غضبه على
رجل صحابيّ، ولفظ أحمد في "مسنده": "ثم قلت: ما لي وللغضب؟ قال:
فتركت الغضب، وأقبلت أسأله ... ". قال: (فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ)؛ أي: على هذا
الرجل، وقوله: (وَأَسْأَلُهُ) جملة حالية بتقدير مبتدأ؛ أي: وأنا أسأله عن
شخصيَته؛ وذلك لأنَّ المضارع المثبَت إذا وقع حالًا لا يُقرن بالواو، كما قال
في "الخلاصة":
وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارعٍ ثَبَتْ ... حَوَتْ ضَمِيرًا وَمِنَ الْوَاوِ خَلَتْ
وَذَاتُ وَاوٍ بَعْدَهَا انْوِ مُبْتَدَا ... لَهُ الْمُضَارعَ اجْعَلَنَّ مُسْنَدَا
(فَإِذَا الرَّجُلُ) "إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني أنه (حُذَيْفَة) بن اليمان
الصحابيّ المشهور - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [7/ 7243] (2893)، و (أحمد) في "مسنده" (5/
399)، و (الحاكم) في "المستدرك" (4/ 519)، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(8) - (بَابٌ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسُرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ)
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:
[7244] (2894) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِي: ابْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسُرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبِ، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ
مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَة وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّيَ أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو").