تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا
بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَفَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَلِكَ
أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قَالَ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: هَلْ كَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ:
نَعَمْ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ، قَالَ: فَهِبْنَا
أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ مَنِ الْبَابُ؟ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: عُمَرُ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ) الْهَمْدانيّ الكوفيّ، تقدّم قبل ثلاثة
أبواب.
2 - (أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمد بن خازم الضرير الكوفيّ، تقدّم قريبًا.
والباقون ذُكروا في البابين الماضيين.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وله فيه شيخان قرن بينهما، ومحمد بن
العلاء أحد مشايخ الجماعة بلا واسطة، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ مخضرم.
شرح الحديث:
(عَنْ حُذَيْفَةَ) - رضي الله عنه -؛ أنَّه (قَالَ: كنَّا عِنْدَ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (فَقَالَ)
عمر: (أَيُّكُمْ) والمخاطب بذلك الصحابة - رضي الله عنهم -، ففي رواية رِبْعي عن حذيفة "أنه
قَدِم من عند عمر، فقال: سأل عمر أمس أصحاب محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيكم سمع قول
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الفتنة؟ قال: أنا أحفظ كما قال"، وفي رواية: "أنا أحفظه
كما قاله".
(يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفِتْنَةِ كَمَا قَالَ)؛ أي: مثل ما قاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
(قَالَ) حذيفة: (فَقُلْتُ: أَنَا)؛ أي: أنا أحفظه كما قاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَالَ) عمر - رضي الله عنه -:
(إِنَّكَ لَجَرِيءٌ) وفي رواية البخاريّ: "قال: هاتِ إنك لجريء"، وفي رواية له:
"إنك عليه لجريء، فكيف؟ " (وَكَيْفَ قَالَ) النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ (قَالَ) حذيفة: (قُلْتُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ، وَمَالِهِ، وَنَفْسِهِ، وَوَلَدِهِ،
وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ، وَالصَّلَاةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ