مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} [المائدة: 44] بالقولين، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).

أي: وعى المحدّثَ به (مَنْ حَفِظَهُ)؛ أي: من وفّقه الله تعالى لحفظه،

(وَنَسِيَهُ) بفتح النون، وكسر السين المهملة، من باب تَعِبَ نِسيانًا؛ أي: غفل

عنه (مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ)؛ أي: هذا القيام، أو هذا الكلام بطريق الإجمال،

(أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ)؛ أي: الموجودون من جملة الصحابة - رضي الله عنهم -، لكن بعضهم لا

يعلمونه مفصلًا؛ لِمَا وقع لهم بعض النسيان الذي هو من خواص الإنسان، وأنا

الآخر ممن نسي بعضه، وهذا معنى قوله: (وَإِنَّهُ) الضمير للشأن، قال القاري:

وأبعد من قال: إن الضمير لقوله: "شيئًا". (لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ) اللام في

"ليكون" مفتوحة، على أنَّه جواب لقَسَم مقدَّر، والمعنى: والله ليقع شيء مما

ذكره النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (?)، وقوله: (قَدْ نَسِيتُهُ) صفة لـ "الشيء"، أو حال منه، (فَأَرَاهُ،

فَأَذْكُرُهُ)؛ أي: فإذا عاينته تذكرت ما نسيته، والعدول من المضي إلى المضارع؛

لاستحضار حكاية الحال.

وحاصل المعنى: أن حذيفة - رضي الله عنه - ربما نسي بعض الأمور التي أخبر بها

النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّها ستكون، ثم إذا رآها تقع عيانًا تذكّرها، والله تعالى أعلم.

ثم شبّه الموصوف بالمعايَن، (كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ

عَنْهُ)؛ أي: ثم ينساه، (ثُمَّ إِذَا رَآهُ) عيانًا (عَرَفُ) وتذكّره، قال القاضي عياض:

قوله: "كما يذكر الرجل" قيل: هذا الكلام فيه اختلال من تغيير الرواة،

وصوابه: كما لا يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، أو كما ينسى الرجل

وجه الرجل ... إلخ، وبه يصحّ تمثيله، وفي البخاريّ فيه تلفيق أيضًا. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قوله: "فأعرفه كما يعرف الرجلُ الرجلَ إذا غاب عنه،

فرآه، فعرفه" في رواية محمد بن يوسف، عن سفيان، عند الإسماعيليّ: "كما

يعرف الرجلُ" بحذف المفعول، وفي رواية الكشميهنيّ: "الرجل وجه الرجل،

غاب عنه، ثم رآه، فعرفه". قال عياض: في هذا الكلام تلفيق، وكذا في رواية

جرير: "وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه، فأذكره، كما يذكر الرجل وجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015