اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا -أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ
يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا").
رجال هذا الإسناد: ثمانيةٌ:
1 - (أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ) سليمان بن داود الزهرانيّ، تقدّم قريبًا.
2 - (أَبُو قِلَابَةَ) عبد الله بن زيد بن عمرو، أو عامر الْجَرْميّ، أبو قلابة
البصريّ، ثقةٌ فاضلٌ، كثير الإرسال، قال العجليّ: فيه نَصْبٌ يسير [3] مات بالشام
هاربًا من القضاء، سنة أربع ومائة، وقيل: بعدها (ع) تقدم في "الإيمان" 17/ 173.
3 - (أَبُو أَسْمَاءَ) عمرو بن مَرْثد الدمشقيّ، ويقال: اسمه عبد الله، ثقةٌ
[3] مات في خلافة عبد الملك (بخ م 4) تقدم في "الحيض" 7/ 722.
4 - (ثَوْبَانُ) بن بُجدُد، ويقال: ابن جَحْدَر، أبو عبد الله، أو أبو
عبد الرحمن الهاشميّ مولى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، صَحِبه، ولازمه، ونزل بعده الشام،
ومات بحمص سنة أربع وخمسين (بخ م 4) تقدم في "الحيض" 7/ 722.
والباقون تقدموا قريبًا.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف رحمهُ اللهُ، وفيه رواية ثلاثة من التابعين روى
بعضهم عن بعض: أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء.
شرح الحديث:
(عَنْ ثَوْبَانَ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ زَوَى لِيَ
الأَرْضَ)؛ أي: جَمَعها لأجلي، قال التوربشتيّ: زويتُ الشيءَ: جمعته،
وقبضته، يريد به: تقريب البعيد منها، حتى اطّلع عليه اطلاعه على القريب منها.
وحاصله: أنه طوى له الأرض، وجعلها مجموعة كهيئة كفّ في مرآة
نَظَره، (فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا)؛ أي: جميعها، قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: معنى
"زوى"؛ أي: جمعها لي حتى أبصرت ما تملكه أمتي من أقصى المشارق
والمغارب منها، وظاهر هذا اللفظ يقتضي أن الله تعالى قوّى إدراك بصره،
ورفع عنه الموانع المعتادة، فأدرك البعيد من موضعه، كما أدرك بيت المقدس
من مكة، وأخذ يخبرهم عن آياته، وهو ينظر إليه، وكما قال: "إني لأبصر قصر