ذلك العصر إنما تولّد عن شيء من ذلك، أو عن شيء تولد عنه، ثم إن قتل

عثمان كان أشدّ أسبابه الطعن على أمرائه، ثم عليه بتوليته لهم، وأول ما نشأ

ذلك من العراق، وهي من جهة المشرق، فلا منافاة بين حديث الباب، وبين

الحديث: "ألا إن الفتنة من قِبَل المشرق"، وحَسُن التشبيه بالمطر؛ لإرادة

التعميم؛ لأنه إذا وقع في أرض معيّنة عمّها، ولو في بعض جهاتها (?)، والله

تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [3/ 7217 و 7218] (2885)، و (البخاريّ) في

"فضائل المدينة" (1878) و"المظالم" (2467) و"المناقب" (3597) و"الفتن"

(7060)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 449)، و (أحمد) في "مسنده" (5/

200 و 208)، و (الحميديّ) في "مسنده" (1/ 248)، و (البزّار) في "مسنده" (7/

19)، و (الحاكم) في "المستدرك" (4/ 553)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان معجزة ظاهرة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، حيث أخبر بما سيكون، وقد

ظهر مصداق ذلك من قتل عثمان -رضي الله عنه-، وهَلُمّ جرّا، ولا سيما يوم الحرّة.

2 - (ومنها): بيان ما ابتليت به هذه الأمة من الفتن المتتالية، وهذا أمر

قد قضاه الله سبحانه وتعالى، لا مردّ له، وقد دعا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في دفعه عن أمته، ولكن الله

تعالى لم يُجبه إلى ذلك؛ لحكمة يعلمها الله عزَّ وجلَّ، ففي حديث سعد بن أبي

وقّاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مرّ بمسجد

بني معاوية دخل، فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربه طويلًا، ثم انصرف

إلينا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "سألت ربي ثلاثًا، فأعطاني ثنتين، ومنعني واحدة، سألت

ربي أن لا يُهلك أمتي بالسَّنَة، فأعطانيها، وسألته أن لا يُهلك أمتي بالغرق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015