يسير، وهو من تواضعات الْحُسّاب، وظاهر هذا يدلّ على أن الذي فعل هذا
هو النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقد مرّ في حديث مسلم من طريق سفيان بن عيينة: "وعقد
سفيان بيده عشرةً"، وفي رواية البخاريّ أيضًا في "كتاب الفتن": "وعقد سفيان
تسعين، أو مائة" ولم يذكر شيئًا غير هذا، وفي حديث أبي هريرة: "قال:
فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وعقد بيده تسعين"، وظاهر هذا
أيضًا أن الذي عقد هو النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وجاء في رواية مسلم عن أبي هريرة من
طريق وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه عنه، وفيه: "وعقد وهيب بيده
تسعين"، وهذه الرواية تصرّح بأن العاقد هو وهيب.
وههنا ثلاثة أشياء: الأول: في اختلاف العاقد، والثاني: في اختلاف العدد،
والثالث: أن هذا الحديث يعارضه قوله: "إنا أمة أمية لا نكتُب ولا نحسُب".
فالجواب عن الأول بما أشار إليه كلام ابن العربيّ: أن نفس العقد
مدرج، وليس من قوله، وإنما الرواة عبّروا عن الإشارة التي في قوله: "مثل
هذه" في حديث الباب وغيره؛ وذلك لأنهم شاهدوا تلك الإشارة.
والجواب عن الثاني ما قاله عياض: إن المراد التقريب بالتمثيل، لا
حقيقة التحديد.
والجواب عن الثالث أن قوله: "إنا أمة ... " الحديث لبيان صورة خاصة
معيّنة. انتهى (?).
وقوله: (إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ) قال ابن عبد البرّ: معناه عند أكثرهم: الزنا،
وأولاد الزنا، وجملة القول عندي في معناه: أنه اسم جامع يجمع الزنا وغيره،
من الشرّ، والفساد، والمنكَر في الدين، والله أعلم. انتهى (?).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7210] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي،
عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ