قال: نعم إذا كثر الخبث" العموم. انتهى (?).
وقال ابن الجوزيّ رحمه الله: قد يُستشكل هذا، فيقال: كيف يصيب العذاب
من لم يفعل أفعالهم، والجواب من وجهين:
أحدهما: أن يكون فيهم راضيًا بأفعالهم، أو غير منكِر لها، فيعذَّب
برضاه المعصية، وسكوته عن الإنكار، فإن الصالحين من بني إسرائيل لمّا
أنكروا على المفسدين، ثم واكلوهم، وصافَوْهم عمّ العذاب الكل.
والثاني: أن يكون إصابةُ العذاب لهم، لا على وجه التعذيب، ولكن
يكون إماتة لهم عند انتهاء آجالهم، كما هلكت البهائم والمواشي في الطوفان
بآجالها، لا بالتعذيب. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قوله: "إذا أنزل الله بقوم عذابًا"؛ أي: عقوبةً لهم على
سيئ أعمالهم، وقوله: "أصاب العذاب من كان فيهم"، في رواية أبي النعمان،
عن ابن المبارك: "أصاب به من بين أظهرهم"، أخرجه الإسماعيليّ، والمراد:
من كان فيهم، ممن ليس هو على رأيهم.
وقوله: "ثم بُعثوا على أعمالهم"؛ أي: بُعث كلُّ واحد منهم على حسب
عمله، إن كان صالحًا فعقباه صالحة، وإلا فسيئة، فيكون ذلك العذاب طهرة
للصالحين، ونقمة على الفاسقين.
وفي صحيح ابن حبان، عن عائشة، مرفوعًا: "إن الله إذا أنزل سطوته
بأهل نقمته، وفيهم الصالحون، قُبضوا معهم، ثم بُعثوا على نياتهم،
وأعمالهم"، وأخرجه البيهقيّ في "الشعب"، وله من طريق الحسن بن محمد بن
عليّ بن أبي طالب، عنها، مرفوعًا: "إذا ظهر السوء في الأرض، أنزل الله
بأسه فيهم"، قيل: يا رسول الله، وفيهم أهل طاعته؟ قال: "نعم، ثم يُبعثون
إلى رحمة الله تعالى".
قال ابن بطال رحمه الله: هذا الحديث يبيّن حديث زينب بنت جحش -رضي الله عنها-