(صَلَّى اللهُ)؛ أي: أثنى، أو أنزل الرحمة (عَلَيْكِ) قال الطيبيّ -رحمه الله-: في "عليكِ"
التفات من الغَيبة في قوله: "جاءت" إلى الخطاب، وفائدته مزيد اختصاص لها
بالصلاة عليها، قال القاري: ولمزيد التلذذ بخطابهم إياها، قال ابن حجر:
وكراهة الصلاة استقلالًا على غير الأنبياء والملائكة محلها إن صدرت من
غيرهم، لا منهم؛ لقول العلماء في صلاته - صلى الله عليه وسلم - على آل أبي أوفى: إنه من تبرع
صاحب الحق به. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد استوفيت البحث في كراهة الصلاة على غير
الأنبياء، وعدمها في غير هذا المحلّ، فارجع إليه، وبالله تعالى التوفيق.
(وَعلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ) بضم الميم؛ يعني: على ظاهرك، وباطنك،
وتقديم الباطن؛ لأنه أهمّ، والنظر إليه أتمّ (?).
وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "تعمرينه" إستعارة شُبِّه تدبيرها البدن بالعمل
الصالح بعمارة من يتولى مدينة، ويعمرها بالعدل والإحسان. انتهى (?).
(فَينْطَلَقُ) بالبناء للمفعول، وفي رواية "فينطلقون" (به إِلَى رَبَّهِ)، وفي
رواية: "إلى السماء السابعة"، (ثم يَقُولُ) الربّ -سبحانه وتعالى-: (انْطَلِقُوا بِهِ)؛ أي: بروح
هذا الميت الآن؛ ليكون مستقرًّا في الجنة، أو عندها، (إِلَى آخِرِ الأَجَلِ") ثم
إلينا مرجعه، والمراد بالأجل هنا مدة البرزخ، قال الطيبيّ -رحمه الله-: يُعلم من هذا
أن لكل أحد أجلين: أولًا، وآخرًا، ويشهد له قوله تعالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام: 2] أي: أجل الموت وأجل القيامة (?).
وقال القاضي عياض: المراد بالأول: انطلقوا بروح المؤمن إلى سدرة
المنتهى، والمراد بالثاني: انطلقوا بروح الكافر إلى سجّين، فهي منتهى الأجل،
ويَحْتَمِل أن المراد: إلى انقضاء أجل الدنيا. انتهى (?).