"قال: إذا أُقعِد المؤمن في قبره، أُتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا
رسول الله". (فَذَلِكَ قوْلُهُ -عز وجل-)؛ أي: هذا الجواب هو معنى قوله -عز وجل-: ({يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} ")؛ يعني: أنه
يُوَفّقُه للإجابة المذكورة.
[تنبيه]: قال الحافظ -رحمه الله-: قد اختصر سعد - يعني: ابن عبيدة - وخيثمة
- يعني: ابن عبد الرحمن - هذا الحديث جدًّا، لكن أخرجه ابن مردويه من
وجه آخر عن خيثمة، فزاد فيه: "إن كان صالحًا وُفّق، وإن كان لا خير فيه،
وُجد أَبْلَه"، وفيه اختصار أيضًا، وقد رواه زاذان أبو عمر، عن البراء مطوّلًا،
مبيّنًا، أخرجه أصحاب السنن، وصححه أبو عوانة، وغيره، وفيه من الزيادة في
أوله: "استعيذوا بالله من عذاب القبر"، وفيه: "فتُردّ روحه في جسده"، وفيه:
"فيأتيه ملَكان، فيُجلسانه، فيقولان له: من ربّك؟ ، فيقول: ربي الله، فيقولان
له: ما دينك؟ ، فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث
فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما يُدريك؟ فيقول: قرأت القرآن،
كتابَ الله، فآمنت به، وصدّقت، فذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} "، وفيه: "وأن الكافر تعاد روحه
في جسده، فيأتيه ملَكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: هاه هاه،
لا أدري ... " الحديث. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث البراء - رضي الله عنه - الذي أشار إليه أخرجه
أحمد -رحمه الله- في "مسنده" بطوله، فقال:
(18557) - حدّثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن منهال بن عمرو،
عن زاذان، عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من
الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولَمَّا يُلْحَد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلسنا
حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه،
فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين، أو ثلاثًا، ثم قال: "إن العبد
المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من
السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة،
وحَنوط من حَنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مَدّ البصر، ثم يجيء ملَك الموت؛