(وَتَحشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ) ببناء الفعل للفاعل، و"بقيتهم" بالنصب مفعول
مقدّم، و"النار" فاعل مؤخّر.
قال في "الفتح": هذه هي النار المذكورة في حديث حُذيفة بن أَسيد
-بفتح الهمرّة- عند مسلم في حديث فيه ذِكر الآيات الكائنة قبل قيام الساعة،
كطلوع ااشمس من مغربها، ففيه: "وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن، تُرَحِّل
الناس"، وفي رواية له: "تَطْرُدُ الناس إلى حشرهم".
(تَبِبتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا)؟ ؛ أي: تستريح معهم إذا
استراحوا، والقيلولة: النوم نصف النهار، يقال: قال يَقيل قَيلًا، من باب باع،
وقَيْلُولةً: إذا نام نصف النهار.
قال في "العمدة": وفي قوله: "تقيل إلخ" دلالة على أنهم يقيمون كذلك
أيامًا، (وَتُصْبحُ) بضمّ أوله، وكسر ثالثه، من الإصباح، (مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا،
وَتُمْسِي) بضمّ أوله، وكسر ثالثه أيضًا من الإمساء، (مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا") فيه
إشارة إلى ملازمة النار لهم إلى أن يصلوا إلى مكان الحشر، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا مُتَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [15/ 7174] (2861)، و (البخاريّ) في "الرقاق"
(6522)، و (النسائيّ) في "المجتبى" (2085) وفي "الكبرى" (2212)، و (ابن
أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 87)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (5/ 210)، و (ابن
حبّان) في "صحيحه" (7336)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (1/ 318)،
و(البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (4314)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في المراد بالحشر المذكور في
هذا الحديث:
قال الخطابيّ -رحمه الله-: هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة، تحشر النارُ
الناسَ الأحياءَ إلى الشام، وأما الحشر من القبور إلى الموقف، فهو على
خلاف هذه الصورة، من الركوب على الإبل، والتعاقب عليها، وإنما هو على