رحمهما الله تعالى، لكن لا يبعد أن يدخل فيهم كل من كان على شاكلتهم في
كلّ عصر، ومصر، من أصحاب الانحرافات التي تخالف هديه -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: (وَفي حَدِيثِ وَكيعِ، وَمُعَاذٍ: "فَيُقَال: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا
بَعْدَكَ") بيان للاختلاف بين الروَاة في هذه الجملة، فرواها محمد بن جعفر
غندر بلفظ: "فَيُقَالُ لِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ"،
ورواها وكيع، ومعاذ بن معاذ بلفظ: "فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ"،
والمعنى متقارب، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- هذا مُتّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [15/ 7172 و 7173] (2860)، و (البخاريّ) في
"الأنبياء" (3349 و 3447) و"التفسير" (4625 و 4626 و 4740) و"الرقاق"
(6524 و 6526)، و (الترمذيّ) في "التفسير" (2423 و 3167)، و (النسائيّ) في
"المجتبى" (2087 و 2081 و 2082) وفي "الكبرى " (2214 و 2208 و 2209)،
و(أحمد) في "مسنده" (1916 و 1951 و 2028 و 2097 و 2281)، و (الدارميّ)
في "سننه" (2088 و 1870)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان أول من يُكسى يوم القيامة، وهو خليل الله تعالى
إبراهيم -عليه السلام-؛ لأنه أُلقي في النار مجرّدًا في ذات الله -سبحانه وتعالى-، فجازاه الله تعالى
بأن فضّله على أن جعله أول من يكسى يوم القيامة.
2 - (ومنهما): أن فيه لإبراهيم -عليه السلام- منقبةً ظاهرهً وفضيلةً عظيمةً،
وخصوصية، كما خُص موسى -عليه السلام- بأنه -صلى الله عليه وسلم- يجده متعلقًا بساق العرش، مع
أنه -صلى الله عليه وسلم- وأول من تنشق عنه الأرض، ولكن لا يلزم من هذا أن يكونا أفضل
منه -صلى الله عليه وسلم-، بل هو أفضل من في القيامة، كما قال: "أنا سيّد من آدم يوم القيامة،
ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، ومشفع، بيدي لواء