أنس -رضي الله عنه- الموضع، ولفظه: "ليردنّ عليّ ناس، من أصحابي الحوض، حتى
إذا عرفتهم اختُلِجوا دوني ... " الحديث. وفي حديث سهل: "ليردَنّ عليّ أقوام
أعرفهم، ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم". وفي حديث أبي هريرة عند مسلم:
"ليُذادَنّ رجال عن حوضي، كما يُذاد البعير الضّالّ، أناديهم: ألا هلمّ".
(فَأقولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي") وفي رواية أحمد: "فلأقولنّ"، وفي رواية
للبخاريّ: "فأقول: أصحابي، أصحابي" مكرّرًا، فالأول خبر مبتدأ محذوف،
تقديره: هؤلاء أصحابي، وأصحابي الثاني تأكيد له، ويروى: "أصيحابي،
أصيحابي"، ووجه التصغير فيه إشارة إلى قلة عدد من هذا وَصْفهم، قاله في
"العمدة" (?).
(فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ) وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند
البخاريّ االذي تقدم الإشارة إليه: "إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى"، وزاد
في رواية سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة أيضًا: "فيقول: إنك لا علم لك
بما أحدثوا بعدك، فيقال: إنهم قد بدّلوا بعدك، فأقول: سُحْقًا سحقًا"؛ أي:
بُعْدًا بعدًا، والتأكيد للمبالغة. وفي حديث أبي سعيد عند البخاريّ أيضًا:
"فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقًا لمن غيّر بعدي". وزاد
في رواية عطاء بن يسار: "فلا أراه يَخلُص منهم إلا مثل هَمَل النعَم".
ولأحمد، والطبرانيّ، من حديث أبي بكر -رضي الله عنه- رفعه: "ليردنّ عليّ الحوض
رجال ممن صحبني، ورآني". وسنده حسن. وللطبرانيّ من حديث أبي
الدرداء -رضي الله عنه- نحوه، وزاد: "فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن لا يجعلني منهم،
قال: لست منهم". وسنده حسن، قاله في "الفتح".
(فَأقُولُ: كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ)؛ يعني: عيسى ابن مريم -عليه السلام-: ({وَكُنْتُ
عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117])؛ أي: كنت أشهد على أعمالهم حين
كنت بين، أظهرهم، ({فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ})؛ أي: الحفيظ
عليهم، والمراقبة في الأصل: المراعاة، وقيل: أنت العالم بهم، {وَأَنْتَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ})؛ أي: شاهد لِمَا حضر وغاب، وقيل: على من عصى، وأطاع.