الخَلْق بالتسلط، والقهر، فقيل: هما بمعنى، جَمَع بينهما، للتأكيد، وقيل:
المتكبر المتعظم بما ليس فيه، والمتجبر الذي لا يوصل إليه، وقيل: الذي لا
يكترث، ولا يبالي بأمر الضعفاء والمساكين (?). (وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي)؛ أي:
فأيّ شيء وقع لي، (لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسٍ)؛ أي: في البدن والمالى،
(وَسَقَطُهُمْ) بفتحتين، أي: أردؤهم، وأكثرهم خُمولًا، وأ قلّهم اعتبارًا،
المحقَّرون فيما بينهم، الساقطون عن أعينهم، وهذا بالنسبة إلى ما عند أكثر
الناس؛ لأنهم كما قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 37]، وفي
موضع آخر: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111]، وأما بالنسبة إلى ما
عند الله تعالى فهم عظماء، رفعاء الدرجات، وكذا عند من عَرَفهم من العلماء
والصلحاء، لكنهم بالنسبة إلى ما عند أنفسهم؛ لعظمة الله تعالى عندهم،
وخضوعهم له في غاية التواضع لله عزوجل، والذلة في عباده، فوَصْفُهم بالسَّقط
والضَّعف بهذا المعنى صحيح، أو المراد بالحصر في قول الجنة: "إلا ضعفاء
الناس": الأغلب (?).
وقوله: (وَغِرَّتُهُمْ) بكسر الغين المعجمة، وتشديد الراء، وهي عدم
التجربة، أو وجود الغفلة، بمعنى الذين لا تجربة لهم في الدنيا، ولا اهتمام
لهم بها، أو الذين هم غافلون عن أمور الدنيا، مشغولون بمهمّ العقبى، على ما
ورد في الخبر: "أكثر أهل الجنة الْبُلْه" (?)؛ أي: في أمور الدنيا، بخلاف
الكفار، فإنهم كما قالى تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ
غَافِلُونَ (7)} [الروم: 7]، هذا.
وقال الحافظ رحمه الله: رواه الأكثر بغين معجمة مفتوحة، فراء، فثاء مثلثة،
أي: أهل الحاجة من الغرث، وهو الجوع، ورُوي بكسر الغين المعجمة،
وتشديد اللام، وبتاء مثناة فوقية؛ أي: الْبُلْهُ الغافلون، وهي ثابتة في أكثر نُسخ