وقال النوويّ رحمه الله: رُوي بضم الخاء واللام، وبفتح الخاء وإسكان
اللام، وكلاهما صحيح، ورجح الضم بقوله في الحديث الآخر: "لا اختلاف
بينهم، ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد"، وقد يرجح الفتح بقوله: "لا
يمتخطون، ولا يتفلون"، قال الطيبيّ رحمه الله: فعلى هذا لا يكون قوله: "على
صورة أبيهم آدم" بدلًا من قوله: "على خلق رجل واحد" بل يكون خبر مبتدأ
محذوف، فإذا قيل: الموصوفون بالصفات المذكورة كلها على خُلُق رجل واحد
حسن الإبدال.
قال: وأما توجيه الضمّ، فالجملة كالإجمال للتفصيل الذي هو مسبوق
بمجمل، أجمل أولًا بقوله: "قلوبهم على قلب رجل واحد"، ثم فصل بقوله:
"لا اختلاف بينهم، ولا تباغُض"، وعلّل عدم الاختلاف بقوله: "لكل امرىء
منهم زوجتان ... إلخ" على معنى أن كل واحد رضي بما أوتي من الثواب
على حَسَب مرتبته، وثانيًا بقوله: "على خُلق رجل واحد"؛ تأكيدًا وتقريرًا، فهو
كالفذلكة للمجموع.
وحاصله أنه -صلى الله عليه وسلم- ابتدأ بوصف حُسن خُلُقهم الباطن، وختم بوصف حسن
خَلْقهم الظاهر. انتهى كلام الطيبيّ رحمه الله (?).
وقوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: "عَلَى خُلُقِ رَجُل")؛ أي: بضمّ الخاء
واللام، ووقع بعض النسخ: "رجلٍ واحدٍ" في الموضعين، (وَقَالَ أَبُو
كُرَيْبٍ: "عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ")؛ أي: بفتح الخاء، وإسكان اللام، (وَقَالَ ابْنُ
أَبِي شَيْبَةَ) أيضًا: ("عَلَىَ صُورَةِ أَبِيهِمْ") بدل قول أبي كريب: "على طول
أبيهم آدم".
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد
والمنّة.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.