قال: فسكت. ثم ذكر له شواهد أخرى (?).
(يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ) وفي رواية للبخاريّ: "من وراء العظم
واللحم"، والْمُخّ بضم الميم، وتشديد المعجمة: ما في داخل العظم، والمراد
به: وَصْفها بالصفاء البالغ، وأن ما في داخل العظم لا يستتر بالعظم واللحم
والجِلد، ووقع عند الترمذيّ: "لَيُرى بياض ساقها من وراء سبعين حُلَّةً، حتى
يُرَى مُخُّها"، ونحوه لأحمد من حديث أبي سعيد، وزاد: "يُنظر وجهه في
خدّها أصفى من المرآة".
وقوله: (وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ") قال النوويّ رحمه اللهُ: هكذا في جميع نُسخ
بلادنا: "أعزب" بالألف، وهي لغة، والمشهور في اللغة: "عَزَب" بغير ألف،
ونقل القاضي أن جميع رواتهم رووه: "وما في الجنة عَزَب" بغير ألف، إلا
العذري، فرواه بالألف، قال القاضي: وليس بشيء، والعَزَب: من لا زوجة
له، والعُزُوب: البُعد، وسُمّي عزبًا لبُعده عن النساء. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ رحمه الله: عَزَبَ الرجلُ يَعْزُبُ، من باب قتل عُزْبَةً، وزانُ
غُرْفَة، وعُزُوبَةً: إذا لم يكن له أهل، فهو عَزَبٌ بفتحتين، وامرأة عَزَبٌ أيضًا
كذلك، قال الشاعر [من الرجز]:
يَا مَنْ يَدُلُّ عَزَبًا عَلَى عَزَبْ ... عَلَى ابْنَةِ الحُمَارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبْ (?)
وجَمْع الرجل عُزَّابٌ، باعتبار بنائه الأصليّ، وهو عَازِبٌ، مثلُ كافر
وكُفّار، قال أبو حاتم: ولا يقال: رجل أَعْزَبُ، قال الأزهريّ: وأجازه غيره،
وقياس قول الأزهريّ أن يقال: امرأة عَزْبَاءُ، مثل أحمر وحمراء. انتهى (?).
وقال القاضي عياض رحمه اللهُ: ظاهر هذا الحديث أن النساء أكثر أهل
الجنة، وفي الحديث الآخر أنهنّ أكثر أهل النار، قال: فيخرج من مجموع هذا
أن النساء أكثر ولد آدم، قال: وهذا كله في الآدميات، وإلا فقد جاء للواحد
من أهل الجنة من الحور العدد الكثير. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.