القبلة، من ناحية الشام، وهي التي تأتي بلاد العرب بالأمطار، فهي عندهم
أحسن الأرياح، فلذلك سُمّي ريح الجنة بالشَّمال، وفي الشمال لغات، يقال:
شَمَالٌ، وشَمْألٌ، وشَأْملٌ، وشَمَلٌ، وشَمُول، حكاها صا حب "العين"،
ويقابلها: الجنوب، وقد سمِّيت هذه الريح في حديث آخر بالمثيرة؛ لأنَّها تثير
النعيم، والطيب على أهل الجنة. انتهى (?).
(فَتَحْثُو)؛ أي: تنثر تلك الريح، والمفعول محذوف؛ أي: المسك،
وأنواع الطيب (فِي وُجُوهِهِمْ)؛ أي: أبدانهم، وخُصّت الوجوه؛ لِشَرِفها،
(وَثيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا) جَمع بينهما للتأكيد، أو المراد بأحدهما
الزينة، وبالآخر حُسْن الصورة. (فَيَرْجِعُونَ)؛ أي: من السوق (إِلَى أَهْلِيهِمْ، وَقَدِ
ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا) قيل: يكون زيادة حسنهم بقدر حسناتهم، (فَيَقُول لَهُمْ
أَهْلُوهُمْ: والله لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ) فيه تغليب؛
لكون الأهل أعم من النساء، والولدان، أو أريد به التعظيم والتكريم، أو روعي
المشاكلة والمقابلة. (والله لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا)؛ أي: بعد مفارقتكم لنا، (حُسْنًا
وَجَمَالًا") ذلك إما لإصابتهم من تلك الريح، أو بسبب انعكاس جمالهم، أو
لأجل تأثير حالهم، وترقي مآلهم، والله تعالى أعلم (?).
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [6/ 7118] (2833)، و (أحمد) في "مسنده" (3/
284)، و (الدارميّ) في "سننه" (2/ 436)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (6/ 253)،
و(ابن عساكر) في "تاريخ دمشق" (41/ 3127)، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.