وهي أوضح، فأمَّا من رواهما بـ"مِن" في الموضعين، فأوجَهُ ما فيهما أن

تكون الأولى لابتداء الغاية، والثانية بدل منها مبيّنة لها، وقيل: إنها في قوله:

"من المشرق" لانتهاء الغاية، وهو خروجٌ عن أصلها، وليس معروفًا عند أكثر

النحويين. انتهى (?).

وقوله: (لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ") متعلّق بمحذوف خبر لمقدّر؛ أي: ذلك كائن

لتفاوت ما بينهم من الدرجات.

قال في "الفتح": واستُدلّ به على تفاوت درجات أهل الجنة، وقد قُسِموا

في "سورة الواقعة" إلى السابقين، وأصحاب اليمين، فالقسم الأول هم من ذُكر

في قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الآية [النساء: 69]، ومن

عداهم أصحاب اليمين، وكل من الصنفين متفاوتون في الدرجات، وفيه تعقب

على من خَصَّ المقربين بالأنبياء، والشهداء، لقوله في آخر الحديث: "رجال

آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين". انتهى (?).

(قَالُوا)؛ أي: الصحابة الحاضرون مجلس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حين حدّث بهذا

الحديث، (يَا رَسُولَ اللهِ تِلْكَ)؛ أي: المنازل التي ذكرتها آنفًا، (مَنَازِلُ

الأَنْبِيَاءِ) عليهم السلام (لَا يَبْلُغُهَا)؛ أي: لا يصل إليها، ولا ينالها (غَيْرُهُمْ) من أممهم.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("بَلَى) قال في "العمدة": وفي رواية أبي ذرّ: "بل" التي للإضراب،

وقال القرطبيّ: هكذا وقع هذا الحرف "بلى" التي أصلها حرف جواب

وتصديق، وليس هذا موضعها؛ لأنهم لم يستفهموا، وإنما أخبروا أن تلك

المنازل للأنبياء عليهم السلام، لا لغيرهم، فجواب هذا يقتضي أن تكون بـ"بل" التي

للإضراب، عن الأول، وإيجاب المعنى للثاني، فكأنه تسومح فيها، فوضعت

"بلى" موضع "بل". انتهى (?).

وقال في "الفتح": حكى ابن التين أن في رواية أبي ذرّ: "بل" بدل

"بلى"، ويمكن توجيه "بلى" بأن التقدير: نَعَم، هي منازل الأنبياء عليهم السلام

بإيجاب الله تعالى لهم ذلك، ولكن قد يتفضل الله تعالى على غيرهم بالوصول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015