صلى العتمة ممن دخل في ظاهر قوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}؛ لأن

جنبه قد جفا عن مضجعه في الحال التي دام فيها للصلاة قائمًا صلى أو

ذكر الله، أو قاعدًا بعد أن لا يكون مضطجعًا، وهو على القيام أو القعود

قادر، غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن توجيه الكلام إلى أنه معني به قيام

الليل أعجب إليّ؛ لأن ذلك أظهر معانيه، والأغلب على ظاهر الكلام، وبه

جاء الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم أخرج بسنده عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، أن

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: "ألا أدلُّكَ عَلى أبْواب الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ

تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وَقِيامُ العَبْدِ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وتلا هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)} ". انتهى كلام ابن

جرير رحمه اللهُ (?) وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سهل بن سعد الساعديّ -رضي الله عنهما- هذا من أفراد

المصنّف رحمه الله.

[تنبيه]: انتقد الدارقطنيّ رحمه اللهُ هذا الحديث على مسلم رحمه اللهُ فقال في

"التتبّع": وأخرج مسلم حديث ابن وهب، عن أبي صخر، عن أبي حازم، عن

سهل: وصف الجنّة، ولم يتابَع عليه، وغيره أثبت منه. انتهى كلامه.

قط ل الجامع عفا الله عنه: هكذا وجدت كلام الدارقطنيّ نقله بعضهم

مجملًا غير مفصّل، ولم يظهر لي وجه انتقاده، فالله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [1/ 7109] (2825)، و (أحمد) في "مسنده" (5/

334)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (463)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/

30)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (6/ 122 و 154 و 201)، و (أبو يعلى) في "مسنده"

(13/ 512 و 526)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (5/ 354)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015