وإلى ما أعدَّ الله لأهلها فيها، قال: فرجع إليه، فقال: وعزتك لا يسمع بها

أحاد إلا دخلها، فأمر بها، فحُفّت بالمكاره، فقال: ارجع إليها، فانظر إلى ما

أعددت لأهلها فيها، فرجع إليها، فإذا هي قد حُفّت بالمكاره، فرجع إليه،

فقال: وعزّتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد".

فقد دلَّ هذا الحديث على أن الله تعالى قد أطلع جبريل عليه السلام على ما أعد

لعباده فيها، فقد رأته عين.

قلت (?): الجواب عنه من أوجه:

أحدها: أنه تعالى خلق فيها بعد رؤية جبريل عليه السلام أمورًا كثيرة، لم يطّلع

عليها جبريل، ولا غيره، فتلك الأمور هي المشار إليها في هذا الحديث.

ثانيها: أن المراد بالأعين والآذان، أعين البشر وآذانها، بدليل قوله:

"ولا خطر على قلب بشر"، فأما الملائكة فلا مانع من اطلاع بعضهم على

ذلك.

قال الجامع عفا الله عنه: وهذا يردّه ما أخرجه ابن أبي حاتم من حديث

ابن مسعود -رضي الله عنه-، ولفظه: "ولا يعلمه ملَك مقرّبٌ، ولا نبيّ مرسل"، فقد نفى

العلم عن الملائكة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

ثالثها: أن ذلك يتجدد لهم في الجنة في كل وقت، ويدل له ما رواه

الترمذيّ، وابن ماجه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر حديثًا

في أثنائه: "ويقول ربنا: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما

اشتهيتم، فنأتي سوقًا قد حَفّت به الملائكة، ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم

تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب، فنحمل لنا ما اشتهينا ... " الحديث،

ولا يمنع من ذلك قوله: "أعددت" لأن هذا لمّا كان محقق الوقوع نُزِّل منزلة

الواقع. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أقرب الأجوبة هو الأول، فتأمله، والله

تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015