أَعْدَدْتُ)؛ أي: هيّأت (لِعِبَادِي) بسكون ياء المتكلّم، وتُفتح. (الصَّالِحِينَ)؛
أي: القائمين بما وجب عليهم من حقّ الحقّ والخلق، (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ)؛ أي:
ما لا رأت العيون كلّها، لا عين واحدة، فإن العين في سياق النفي تفيد
الاستغراق، قال الطيبيّ رحمه اللهُ: "ما" هنا إما موصولة، أو موصوفة، و"عين"
وقعت في سياق النفي، فأفاد الاستغراق، والمعنى: ما رأت العيون كلها، ولا
عين واحدة منها، والأسلوب من باب قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18]، فيَحْتَمِل نفي الرؤية والعين معًا، أو نفي الرؤية،
فحسبُ؛ أي: لا رؤية، ولا عين، أو لا رؤية، وعلى الأول الغرض منه
العين، وإنما ضُمّت إليه الرؤية؛ ليؤذن بأن انتفاء الموصوف أمر محقّق، لا نزاع
فيه، وبلغ في تحققه إلى أن صار كالشاهد على نفي الصفة وعكسه. انتهى (?).
(وَلَا أُذُنٌ) بضمّتين، وبتسكين الذال المعجمة، (سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ)؛ أي:
وقع (عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ") قال الطيبيّ رحمه الله: هو من باب قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ
الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52]؛ أي: لا قلب، ولا خطور، أو لا خطور، فعلى
الأول لهم قلب مخطر، فجعل انتفاء الصفة دليلًا على انتفاء الذات؛ أي: إذا
لم يحصل ثمرة القلب، وهو الإخطار، فلا قلب؛ كقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37].
قال: والحديث كالتفصيل للآية، فإنها نفت العلم، والحديث نفى طريق
حصوله. انتهى (?).
وقال المناويّ رحمه اللهُ: معناه: أنه تعالى ادّخر في الجنة من النعيم، والخيرات،
واللذات ما لم يَطّلع عليه أحد من الخلق، بطريق من الطرق، فذكر الرؤية،
والسمع؛ لأن أكثر المحسوسات تُدرَك بهما، والإدراك ببقية الحواس أقلّ، ولا
يكون غالبًا إلا بعد تقدّم رؤية، أو سماع، ثم زاد أنه لم يجعل لأحد طريقًا إلى
توهّمها بذكر، وخطور على قلب، فقد جَلّت عن أن يدركها فكر، وخاطر.
واستُشكل بأن جبريل عليه السلام رآها في عدّة أخبار.