[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من خُماسيّات المصنّف رحمه اللهُ، وأنه
مسلسلٌ بالكوفيين، غير شيخيه، فالأول مروزيّ، والثاني عدنيّ، ثم مكيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ شَقِيقٍ)، وقوله: (أَبِي وَائِلٍ) بالجرّ بدلٌ، أو عطف بيان لـ"شقيق"؛
أنه (قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعود -رضي الله عنه- (يُذَكِّرُنَا) بتشديد الكاف، من التذكير؛
أي: يعظنا، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب؛ لأنها خبر
"كان". (كُلَّ يَوْمِ خَمِيسٍ) بنصب "كلَّ" على الظرفيّة، (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ) قال في
"الفتح": هذا المبهَم يُشبه أن يكون هو يزيد بن معاوية النخعيّ. (يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنية عبد الله بن مسعود، (إِنَّا نُحِبُّ حَدِيثَكَ، وَنَشْتَهِيهِ)؛ أي:
نريده، (وَلَوَدِدْنَا) اللام فيه جواب قسم محذوف؛ أي: والله لوددنا؛ أي: لأحببنا،
و"وددنا" بفتح الواو، وكسر الدال الأُولى، من باب تَعِب، قال الفيّوميّ رحمه اللهُ:
وَدِدْتُهُ أَوَدُّهُ، من باب تَعِبَ وُدًّا، بفتح الواو، وضمّها: أحببته، والاسم: المَوَدَّةُ،
ووَدِدْتُ لو كان كذا أَوَدُّ أيضًا وُدًّا، ووَدَادَةً بالفتح: تمنَّيته، وفي لغة: وَدَدْتُ أَوَدُّ
بفتحتين، حكاها الكسائيُّ، وهو غلط عند البصريين، وقال الزجاج: لم يقل
الكسائيُّ إلا ما سمع، ولكنه سمعه ممن لا يوثق بفصاحته. انتهى (?).
(أَنَّكَ) بفتح الهمزة؛ لأنه مفعول "وددنا"، (حَدَّثْتَنَا) وللبخاريّ: "ذكّرتنا"،
(كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ) ابن مسعود: (مَا) نافية، (يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ، إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ
أُمِلَّكمْ) "أن" هذه مصدرية، و"أملكم" بضم الهمزة، وكسر الميم، وتشديد
اللام، والاستثناء مفرّغ، فـ"كراهية" فاعل "يمنعني"، والتقدير: إلا كراهية
إملالكم، وضجَركم (?).
(إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَخَوَّلُنَا)؛ أي: يتعاهدنا (بِالْمَوْعِظَةِ)؛ أي:
بالنصح، والتذكير (فِي الأَيَّامِ) صفة للموعظة؛ أي: بالموعظة الكائنة في الأيام،
(كَرَاهِيَةَ السَّآمةِ) كلام إضافيّ، منصوب على أنه مفعول له؛ أي: لأجل كراهة
السآمة، والسآمة مثل الملالة لفظًا ومعنى، وصلة "السآمة" محذوفة؛ لأنه يقال: