وقوله: (ولا أنت يا رسول الله) قال الطيبيّ رحمه اللهُ: الظاهر: ولا إياك؛
أي: للعطف على "أحد"، فعَدَل إلى الجملة الاسمية؛ أي: من الفعلية المقدرة
مبالغةً؛ أي: ولا أنت ممن ينجيه عمله؛ استبعادًا عن هذه النسبة إليه، وَيحْتَمِل
أنهم فَهِموا قوله: "لن ينجي"، وإنما أرادوا التثبيت فيما فهموه، وحيث يتأيد به
أن المتكلم يدخل في عموم كلامه، وأن خطاب الأمة يشمله، وهمها مسألتان
مذكورتان في الأصول، وقوله: "ولا أنا" مطابق "ولا أنت"؛ أي: ولا أنا ممن
ينجيه عمله. انتهى (?).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى شرحه، وبيان مسائله قبل حديث، ولله
الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّلَ الكتاب قال:
[7088] ( ... ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ
عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنْجِيهِ
عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ
بِمَغْفِرَةٍ، وَرَحْمَةٍ"، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ عَلَى رَأْسِهِ: "وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِمَغْفِرَةٍ، وَرَحْمَةٍ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عديّ البصريّ، تقدّم
قريبًا.
2 - (ابْنُ عَوْنٍ) هو: عبد الله بن عون بن أَرْطبان، أبو عون البصريّ، ثقةٌ
ثبتٌ فاضلٌ، من أقران أيوب في العلم، والعمل، والسنّ [5] (ت 150) على
الصحيح (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ 1 ص 303.
والباقون ذُكروا في الباب وقبله.
وقوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ عَلَى رَأْسِهِ) مقول "قال ابن
عون " قوله: "ولا أنا إلا أن يتغمّدني الله إلخ"، وقوله: "بيده هكذا" متعلّق