وقال القاضي عياض رحمه اللهُ: قوله: "نِعْم أنت" هو من الحذف لدلالة

الكلام على المحذوف؛ أي: نِعْم أنت الذي جاء بالطامّة، والأمر العظيم، أو

نِعْم أنت الذي أغنى، وفعلت رغبتي، أو نِعْم أنت الذي فعل اختياري، أو نِعْم

أنت، الحظيّ عندي، المقدّم من رسلي، كما قال: "فيدنيه منه، ويلتزمه".

انتهى (?).

وقال المناويّ: قوله: "نعم أنت": بكسر النون، وسكون الحين، على أنه

من أفعال المدح، كذا جرى عليه جَمْع، قال بعض المحققين: ولعله خطأٌ؛

لأن الفاعل لا يُحذف، وإضماره في أفعال المدح لا ينفصل عن نكرة منصوبة،

مفسِّرة، وإنما صوابه بفتح النون، على أنه حرف إيجاب. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: بل الصواب أنه نِعْم التي للمدح، على ما وجّهه

القاضي عياض رحمه اللهُ آنفًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(قَالَ الأَعْمَشُ) سليمان بن مهران الراوي هنا عن أبي سفيان (أُرَاهُ) بضم

الهمزة، ويجوز فتحها؛ أي: أظنّ أبا سفيان زاد في الحديث، فـ (قَالَ:

فَيَلْتَزِمُهُ)؛ أي: يضمّمه إلى نفسه، ويعانقه فرحًا وسرورا بما صنعه من التفريق

بين الزوجين.

وقال القاريّ رحمه اللهُ: "قال الأعمش" وهو أحد رواة هذا الحديث، "أراه"

بضم أوله؛ أي: أظنّ أبا سفيان طلحة بن نافع المكيّ، وهو الراوي عن جابر،

كذا في "الأزهار" نقله السيد جمال الدين، وقال الطيبيّ: ضمير الفاعل

للأعمش، وضمير المفعول لجابر، وقيل: أظن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو الظاهر من

قوله: "قال: فيلتزمه"، فإنه إما عَطْف على "فيدنيه"، أو بدل منه، كذا قيل،

والأقرب أنه عطف على "فيقول"، والله أعلم.

والمعنى: فيعانقه من غاية حبه التفريق بين الزوجين، وذلك لأنه يحب

كثرة الزنا، وغلبة أولاد الزنا؛ ليفسدوا في الأرض، ويهتكوا حدود الشرع،

ومن ثم ورد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة ولد زنية" (?)، رواه الدارميّ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015