بطنه، والمعنى أنه يجزى بحسنات ما عمل بها لله؛ أي: من إطعام فقير،
وإحسان ليتيم، وإغاثة ملهوف، ونحوها من طاعات، لا يشترط في صحتها
الإسلام.
(مَما عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا) ظرف ليطعم؛ أي: يجزى في الدنيا بحسناته،
فإنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، (حَتَّى إِذَا أفضَى)؛ أي: وصل (إِلَى
الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ) بالتأنيث، وتُذَكَّر؛ أي: لم يبق، ولم يوجد (لَهُ حَسَنَة جزَى
بِهَا") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-؛ أي: لا يتخلّص من العذاب بسببها، وأمّا التخفيف
عنه بسببها، فقد يكون على ما قرّرناه. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد
المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [16/ 7063 و 7064 و 7065] (2808)،
و(البخاريّ) في "خلق أفعال العباد" (ص 56)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 123
و125 و 283)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (1178)، و (أبو يعلى) في
"مسنده" (5/ 231)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان فضل الله -عَزَّ وَجَلَّ-، حيث لا يظلم أحداً من حسناته التي
عملها، فأما المؤمن فيجازيه بها في الدنيا، والآخرة، وأما الكافر فيعطى بها
في الدنيا من التوسعة في الرزق، وتسهيل الأمور، ونحو ذلك.
2 - (ومنها): ما قاله في "شرح السُّنَّة": معنى الحديمشا: أن المؤمن إذا اكتسب
حسنة، يكافئه الله تعالى، بأن يوسّع عليه رزقه، ويرغد عيشه في الدنيا، وبأن
يجزى، ويثاب في الآخرة، والكافر إذا اكتسب حسنة في الدنيا، بأن يفُكّ أسيراً،
أو يُنقذ غريقاً، يكافئه الله تعالى في الدنيا، ولا يجزى بها في الآخرة. انتهى.